[الرجوع والتوبة إلى الله من أسباب دخول الجنة]
ذكر ربنا سبحانه وتعالى أسباب دخول النار.
فما هي أدلة دخول الجنة؟ قال تبارك وتعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} [ق:٣١ - ٣٢] فأول صفة: (أواب)، كثير من الناس يرجعون إلى الله في أول رمضان، ورمضان شهر فاضل، وكثير من العصاة يبدأ رحلة التوبة في رمضان، فنحن نقول لكل رجل رجع إلى الله عز وجل في رمضان: ينبغي عليه أنه يجدد هذه التوبة ويقويها، وعليه أن يتذكر مرارة العصيان والبعد عن الله تبارك وتعالى.
والأواب: الرجَّاع.
إذا أذنب سرعان ما يحدث توبة، انظر في الحديث القدسي، قال الله تبارك وتعالى: (أذنب عبدي ذنباً فقال: رب إني أذنبت ذنباً فاغفر لي، فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنباً فقال: رب إني أذنبت ذنباً فاغفر لي، فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنباً فقال: رب إني أذنبت ذنباً فاغفر لي، فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، غفرتُ لعبدي، فليفعل عبدي ما شاء).
نفهم من هذا الحديث أن أول درجات الأوبة الاعتراف بالذنب؛ لأن عدم الاعتراف بالذنب فيه اتهام لله، فإذا جاء رجل فقال: يا رب إني ما ظلمت ولا تعديت حدودك، ولكن كتبت عليّ سيئات، فإن هذا اتهام لرب العالمين بالظلم؛ لأنه إذا لم يعترف فقد اتهم الطرف الآخر، فلذلك لا يقبل من العبد توبة إلا إذا اعترف، لابد أن يعترف الأول أنه مذنب وأنه مخطئ، بعد هذا الاعتراف يقبل الله عز وجل منه توبته؛ ولذلك لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عائشة في حديث الإفك: (يا عائشة! إن كنت أذنبت ذنباً فاستغفري الله، فإن العبد إذا اعتراف بذنبه وتاب؛ تاب الله عليه) ولذلك حين أذنب العبد بذنب قال: (رب إني أذنبت) فهذا إذاً، ولذا قال: (علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به).
إن عدم الاعتراف فيه مكابرة، كما في الحديث الصحيح: (يجيء العبد يوم القيامة فيقرره الله بذنوبه) فيقول العبد لربه: لم يحصل مثل هذا ولا هذا، (فقال العبد: رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: بلى، قال: فإني لا أجيز عليَّ إلا شاهداً مني) لأنه يعلم أنه أقفل على نفسه الغرفة وعمل المعصية، فهو يظن أنه لن يكون هناك من يشهد عليه فيقول: (ألم تجرني من الظلم؟ قال: بلى.
قال: لا أجيز علي إلا شاهداً من نفسي، حينئذٍ يختم الله عز وجل على فيه وتنطق جوارحه) تنطق جوارحه بما كان يفعل، فيقول لهن: (سحقاً لكن، فعنكن كنت أناضل) بخلاف العبد الآخر، كما في حديث النجوى: (المؤمن عبد يقربه الله عز وجل من كنفه ويقرره بذنوبه بينه وبينه، يقول له: فعلت كذا وكذا يوم كذا وكذا، فيقول: أتذكر ذنب كذا؟ فلا يزال يقرره بذنوبه حتى يتساقط وجهه حياءً من الله، فيقول الله له: سترتها عليك في الدنيا فأنا أغفرها لك اليوم).
فالأواب: أي الرجَّاع، والإنسان الأواب له بشارة، وهي أنه يعد مهاجراً إلى الله، وحقيقة الهجرة كما قال صلى الله عليه وسلم حين سئل: عن المهاجر من هو؟ قال: (المهاجر من هجر ما نهى الله عنه) فأنت كل يومٍ مهاجر إلى الله، كلما تركت ذنباً وأحدثت طاعة فقد خرجت من الذنب إلى الطاعة، إذاً فهذه هي الهجرة، (المهاجر من هجر ما نهى الله عنه) وأنا أطلب من إخواننا الجلوس أن كل واحد منهم أو ما يفعله حين يدخل البيت أن يخرج (التلفزيون) من البيت، هذه وصية غالية ونفيسة، يخرج هذا الملعون من البيت.
هل يرضى أحدنا أن يترك رجلاً أجنبياً مع امرأته في غرفة النوم؟! هل يقبل أحد بهذه العملية؟! والله العظيم إن (التلفزيون) ألعن من رجل الخنا والفجور، ولا سيما بعد انتشار القنوات الفضائية، وبعد أن أصبح الإرسال الجنسي يغزو (التلفزيونات) عندنا، والأولاد -بعد الساعة الثانية والنصف من الليل- يعودون ليبحثوا في القنوات كلها من أجل أن يأتوا بالقنوات التي تبث عن طريق البحرين أو من إسرائيل أو غيرها من القنوات الكفرية، هل تظن أن امرأتك مريم بنت عمران؟ لا تفكر أبداً! تنظر رجلاً مع امرأة في (الفيلم) فيخطر ببالها مثل ما يخطر ببالك، فأنت حين تترك رجلاً أجنبياً مع المرأة في البيت فإن هذه جريمة كبيرة، فكذلك التلفزيون.
شهر رمضان من أكثر الشهور التي يلهو الناس فيها، وهناك بدعة صريحة عندنا في القاهرة والمدن الكبرى، خيمة رمضان، ومن المفروض أن تقام ليلاً، لكنها بدلاً من أن تكون خيمة صارت خيمة خيبة، يقول لك: خيمة رمضان، وفيها أحدث المطربين وفيها (النرجيلة) وفيها (المخدرات) و (الحشيش) وكمل ما تشتهيه نفسك.
فيأخذ أحدهم امرأته ويذهب إلى تلك الخيمة، فيعصون الله عز وجل في رمضان الذي هو شهر العبادة والتقرب إلى الله.
فتراهم في (التلفزيون) يعملون أحد عشر شهراً من أجل الاستعداد لبرامج رمضان من مسلسلات وأفلام، فهذا الجهاز ملعون، فأنت لو أخرجت هذا الجهاز من بيتك فقد حققت هذه الهجرة، (المهاجر من هجر ما نهى الله عنه) فهذا الكلام ينطبق على الأواب، والأواب: أي الرجاع، الذي يحدث توبةً دائمة، فما من توبة يحدثها إلا وهو مهاجر وهو أواب.