فسورة (ق) من جملة القرآن المكي الذي يخاطب القلب، ذكر ربنا تبارك وتعالى فيه القيامتين: القيامة الصغرى، والقيامة الكبرى، {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق:١٩] هذه هي القيامة الصغرى، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}[ق:٢٠] وهذه هي القيامة الكبرى، فذكر القيامتين معاً، لكنه تبارك وتعالى نبهنا على داءٍ عظيم، يقع فيه أكثر الناس:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق:١٩]، يقال: هذا فلان حاد عن الطريق.
أي: تركها وسلك بنيات الطريق، أي: ترك الطريق العمومي الواضح وسلك الطرق الفرعية، فيقال له: حاد، أو من ترك سبيل الحجة وكابر وجادل يقال: حاد، أي: انحرف، فربنا عز وجل ينبهنا إلى هذا الداء العظيم؛ وهو عدم ذكر الموت.
هذا الموت الذي كنت منه تحيد، وكنت طول حياتك تهرب منه، ولا تريد أن تذكره، ولا تريد أن تعمل لما بعده، ولو قدر وذكرت الموت في بيتك فإن كل من فيه سيشورون عليك قائلين: اترك الكلام في هذا الموضوع، لماذا نترك الكلام فيه؟ كل المصائب -بلا مبالغة- سببها عدم ذكر الموت.