الرؤيا الصادقة لها آداب، والرؤيا المكروهة لها آداب إذا رأيت الرؤيا تحبها فاحمد الله وبشر بها من تحب، وإذا رأيت الرؤيا تكرهها، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإنها منه، ثم ابصق عن يسارك ثلاثاً إذا انتبهت من نومك، ولا تحدث بها أحداً أصلاً؛ فإنها لا تضرك، ثم قم فصل وتحول عن جنبك الذي كنت نائماً عليه، وقد ورد هذا في حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري ومسلم:(وإذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وليبصق حين يفزع من نومه عن يساره ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً؛ فإنها لا تضره) وفي صحيح البخاري قال: (ثم يصلي ويتحول عن جنبه الذي كان عليه).
ما هو الضابط بين الحلم وبين الرؤيا؟ الرسول عليه الصلاة والسلام قال:(الرؤيا الصالحة من الله) وقال: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها)، ولا شك أن ما يراه الإنسان من تلاعب الشيطان به من جملة ما يكره، فإن كان الأمر كذلك، فكيف قص ابن عمر رؤياه التي يكرهها على الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يكتمها، ولم يبصق عن يساره ثلاثاً؟ الضابط ما بين الرؤيا التي تدخل في جملة الرؤيا الصالحة وتكون في النذارة، وما بين الرؤيا التي لا ينبغي أن يقصها المرء أصلاً: أن الرؤيا التي لا ينبغي أن يقصها المرء أصلاً: هي التي لا منفعة منها، كما في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري في صحيح مسلم، جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت رأسي قطعت وأنا أتبعها، رأسه قطعت وتطير أمامه، وهو وراءها يريد أن يأخذها- فقال عليه الصلاة والسلام:(لا يحدث أحدكم بتلاعب الشيطان به).
ترى مثلاً أنك تهبط من جبل عالٍ أو أنت تطير وهناك شيطان يطير وراءك، أو نسر يطير خلفك، وبعد أن ينتبه الإنسان من نومه ويجد نفسه على السرير يحمد الله، فهذه الرؤيا من الشيطان، ولذا قال له الرسول عليه الصلاة والسلام: لا تقصها إذا أصبحت؛ لأنها من تلاعب الشيطان.
إذا رأى الرجل شيئاً من النار، عذاب النار، أو مشتقات النار، وألقي في روعه أن هذا من حيات النار مثلاً أو من ثعابين النار فعليه أن يطلب التأويل، أما إذا رأى رأسه تطير وهو يطير وراءها، فأي شيء في ذلك؟! وضابطٌ آخر ذكره العلماء وهو إذا كان المرء يعلم أنه من الصالحين، بأن يقوم بما افترض الله عليه ظاهراً، ويجتهد في تصحيح نيته؛ فإذا رأى ما يكره فليقصها على عالمٍ أو ناصح، فإن هذه أيضاً تدخل من جملة النذارة؛ أما إذا علم المرء من نفسه تقصيراً فيما فرض الله عليه، وعدم تصحيح لنيته فهذا من تلاعب الشيطان به.