للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا حسد إلا في اثنتين]

الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- أنه قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجلٌ آتاه الله علماً، فهو يعلِّمه الناس).

لهذا الكلام تفسيران معروفان عند العلماء: التفسير الأول: راجح وهو التفسير الأول، أي: لا غبطة، فالحسد هنا: ليس الحسد المذموم، إنما هو الغبطة، والفرق بين الحسد والغبطة: أن الحسد: هو تمني زوال النعمة عن المحسود، أن تتمنى أن يكون عندك ما عند فلان، بشرط ألا يكون عند فلان شيءٌ من هذا، فتتفرد أنت بهذا النعيم.

إنما الغبطة: أن يكون عندك مثل ما عند فلان بدون أن يزول النعيم عن فلان، يعني: أن تكون أنت مشاركاً له أو مساوياً له فقط، كرجل غني أتمنى أن يكون عندي مثل ما عنده، فنصبح نحن الاثنان أقراناً في هذه المسألة.

فالمقصود بالحسد هنا: الغبطة، أي: ليس هناك أحدٌ يستحق أن يُغْبَط، وأن نقول: ليت لنا مثله، إلا أحد رجلين: رجل عالم يعلِّم الناس، ورجل غني؛ لكن مالَه مقيدٌ بالعلم.

التفسير الثاني: (لا حسد) أي: ما حَسَدَ، نفيٌ لوجود الحسد، فإن كان حسدٌ فهو في اثنتين، فكأن هذا الكلام فيه حذف.

ولكن التفسير الأول هو التفسير الصحيح، لثبوت الحسد، كما قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق:٥].

فالحسد موجود.

إذاً: يتعين التفسير الأول.