[كاتب عجوز يختم حياته بحوار مع الله بعنوان الشهيد إبليس]
يعزون في بعض الكتب مناظرة لإبليس، رد عليها ابن القيم وغيره، أن إبليس قال: لم يعذبني ربي وأنا الذي وحدته؟ إن الملائكة أشركوا؛ لأنني أبيت أن أسجد إلا له -أمره أن يسجد لآدم، قال: أنا لا أسجد لآدم، أنا لا أسجد إلا لك- فأنا الذي وحدته، وهم سجدوا لآدم فأشركوا.
وإبليس أمر، فرأى أن الأدب في مخالفة الأمر، فكيف يعاقب؟ كأنه على مقتضى أصول هؤلاء إبليس بريء، وهذا ما يدندن به أصحاب الجبر، الذين ينسبون للقضاء والقدر كل الذنوب، زنا الله كتب علي ذلك، وكيف أفر مما كتب علي، وهذا مدندن حتى وصل إلى الأدباء الذين لا علاقة بينهم وبين دينهم.
كاتب عجوز كان قد ذهب إلى فرنسا وعمره آنذاك (٨٣) عاماً، فلما رجع -وهذا نشر في جريدة الأهرام وقتها- سئل: ما الذي لفت نظرك في فرنسا؟ قال: الزواج الجماعي.
يا عجوز! يا ابن الثمانين الزواج الجماعي! ما أعجبك (الميراج) أو (البيجوه) أو أعجبك التقدم، إنما أعجبك الزواج الجماعي! عشرة رجال بنسوتهم، كل رجل يطوف على امرأة، وكل امرأة تطوف على رجل هذا هو الذي أعجبك! ثم ختم حياته بحوار مع الله على صفحات صحيفة الأهرام، كتب قصة بعنوان (الشهيد) -يقصد إبليس- قال: أراد إبليس يوماً أن يتوب، فذهب إلى شيخ الأزهر وقال: أريد أن أتوب.
فقال له شيخ الأزهر: حسناً، هذا شيء جميل، ولكن قال: ولكن ماذا؟ فحك شيخ الأزهر في لحيته، ثم قال في نفسه: ولكن إذا تاب هذا مم يستعيذ المؤمنون؟ يقولون: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا يوجد شيطان! الآيات التي تسب الشيطان وتلعنه ماذا نفعل بها؟ إذاً توبة الشيطان يترتب عليها حذف بعض آيات القرآن الكريم لا.
قال له: هذا الأمر ليس من اختصاصي، هناك جهات عليا.
فقال له: قد أمرت أن آتي رجال الدين، وأنت أكبر رأس موجود.
قال له: الأمر ليس من اختصاصي، أنا اختصاصي إعلاء مجد الأزهر.
فخرج إبليس يائساً، وصعد إلى فوق، فقابل جبريل عليه السلام.
انظر إلى الكذب والافتراء والقبح عندما يصوغ كلاماً على لسان جبريل عليه السلام! فيقول جبريل: ما نستطيع؛ لأنك إذا تبت هذه الأساطير التي يرددها الناس ماذا نفعل بها؟ فوصف ما قاله الله في قرآنه بلعن الشيطان بأنه أساطير! فلما حاور جبريل عليه السلام يئس من التوبة فنزل، وصرخ صرخةً وقال: إني شهيد.
فتجاوبت له المجرات والفلك والأشجار والبحار، ورددت صدى صوته، فكأن هذه الأجرام تعلم أن إبليس بريء.
فصور إبليس أنه بريء أراد أن يتوب فقالوا له: لا.
لقد لعناك، ومعنى أن ترجع في توبتك أن نرجع في لعننا لا.
فصور الله على أنه ظالم، وإبليس بريء أراد أن يتوب فأبوا أن يقبلوا توبته! كيف ينشر مثل هذا الكلام على مستوى المسلمين في بلدانهم وفي حياتهم، حتى على مستوى الأسرة؟! ما أخذوا هذه الشبهة إلا من إبليس (سلوك سبيل الأدب راجح على امتثال أمر الله) بل نقول كما قال العلماء المحققون: الامتثال هو الأدب.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.