للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فتاة فرنسية تلعب بقاسم أمين]

ولما ذهب قاسم أمين إلى فرنسا وصل غريباً، وقابلته فتاة لعبت بعقله وقلبه.

تخيل أن رجلاً غريباً في بلدة بعيدة ووجد من يؤنس وحدته، ومن يكرمه، ومن يدعوه على الغداء والإفطار والعشاء والمبيت، ويقول له: أنا ند لك.

هكذا قابلته هذه المرأة، ولم يكن تعرفها على قاسم أمين هكذا، وإنما وضعت عمداً في طريقه، لقد لعبت به هذه المرأة، وهو يقول: إن علاقتي بهذه المرأة علاقة بريئة، صداقة بريئة.

والبراءة التي يقصدها أنه لم تقع بينهم فاحشة الزنا؛ لأنه لو وقع بينهما فاحشة لسقطت المرأة في حسه وقلبه.

هذه المرأة أخذته إلى النوادي والمنتديات وانبهر لما رآه، خرج من بلد فيه (حريم)، كان يطلق على النساء (الحريم)، وكان اسماً جميلاً، الحريم من الحرمة، ولأن النساء كان يحرم عليهن أن يراهن الرجال والعكس، وقديماً كانوا يسمون الطبيب (حكيماً)، وهذا أفضل ألف مرة شرعاً وعرفاً من وصف الطبيب؛ لأن الحكيم: هو الذي يضع الدواء في موضعه، هذا هو معنى الحكمة.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمى الرجل طبيباً، كما في الحديث الصحيح: (أنه جاءه رجل ليطبّه فقال له: إني طبيب، قال: لا.

أنت حكيم والله الطبيب)؛ لأن حقيقة الطبيب هو الذي يرفع العلة، ولا يرفعها إلا الله.

ولهذا لما قيل لـ أبي بكر في مرض موته: أنأتيك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني.

أي الذي يرفع العلة تبارك وتعالى هو الذي قدر عليه الداء فخرج قاسم أمين من بلد الحريم، حيث لا يرى النساء، ولا يختلط بالنساء إلى بلد يعج بالسفور، وأول مرة يجد نساء سافرات لطيفات، خفيفات، ظريفات، يتكلمن معه، فهاب في أول الأمر، لماذا؟ لأنه ما اعتاد على ذلك، لكن سرعان ما وجد الجرأة والراحة النفسية، وأقبل على النساء بدون خوف.