للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معاناة بعض النساء الملتزمات من آبائهن وأمهاتن ثم ممن يتقدم لخطبتهن]

السؤال

فتاة تشكوا محنتها مع أسرتها، فأبوها وأمها يمنعانها من الخروج منتقبة، وهي ترفض ذلك، وقد تقدم لخطبتها شاب، لكنهم غير ملتزمين، ولم يتقدم لخطبتها إلى الآن شاب ملتزم.

الجواب

هذه الشكوى ليست جديدة، أنا سمعتها بأذني ووصلتني أيضاً في رسالة.

يا إخوة: نحن في جهاد وفي حرب! يجب أن ينحاز الغريب إلى إلفه، هي غريبة ترفع شعار الغربة وهو النقاب، وأنت غريب أيضاً ترفع شعار الغربة ومضطهد، ألا ينحاز الغريب إلى غريبه والإلف إلى إلفه في زمان الغربة؟! هنا الولاء.

ومن المشاكل التي أحزنتني جداً: أخت منتقبة عمرها ثلاث عشرة سنة مرتدية النقاب، وأهلها يجبرونها على خلع النقاب فتأبى، فحبسوها، منذُ سبعة أشهر وما نزلت من البيت، وترضى وتقول: أنا أرضى بذلك، كل الذين يأتون لخطبتها يشترطون أن تخلع نقابها.

لماذا تشترط ذلك؟! المختمرات يملأن الشارع، لماذا تأتي إلى امرأة غطت وجهها فتلزمها بكشف وجهها؟! اذهب إلى أخرى تكشف وجهها! فالذي يشترط هذا لا يؤتمن عليه.

إن كان منذ البداية يقول لك: اخلعي هذا النقاب، فلا يؤمن أن يقول: اخلعي الحجاب.

يقول بعضهم: إن المتنقبة شكلها عدوانية بالنقاب، وما أعجبتني ويتكلم بهذا الكلام، وهذا لا يجوز.

هؤلاء الأخوات الفاضلات إذا لم يتقدم إليهن أحد، فمن يتقدم؟ هناك بعض النساء تفتتن، إذا رأت المسألة مسألة جمال تتزين وتخرج إلى الشارع، فتبدو جميلة لبعض الناظرين.

فأنتم -يا إخوان- لا بد أن تعرفوا حقيقة الوضع الذي تعيشون فيه، أنتم غرباء! إن الجمال -مهما كان- يزول بالعشرة، ما له قيمة، المرأة لو كانت أجمل امرأة في الدنيا فبرتابة العيشة يصير جمالها عادياً، قد تنبهر بها أول مرة وثاني مرة وثالث مرة ورابع مرة لكن في عاشر مرة لا، بدليل أن الطعام الذي تشتهيه وتحبه لو أكلت منه شهراً كاملاً تمله وتكرهه؛ لأن هذه هي عادة الإنسان.

فأنا أرجو أن يظهر إخواننا الولاء لله عز وجل ورسوله، لا نترك الأخوات بهذه الصورة يا إخوة.

وبهذه المناسبة نحن ندعو للتعفف: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

الأخت الفاضلة تدخل السعادة على أخت أخرى تنشد السعادة وتبحث عنها، فما هو المانع -إذا كان زوجك عنده القدرة على أن ينفق، وعنده القدرة على الباءة- ما المانع أن تشركي في هذه السعادة أختاً أخرى؟! فالمهاجرين والأنصار لما دخلوا في الإسلام كان الرجل الأنصاري يتنازل عن أجمل نسائه لأخيه، وهذه كانت غريبة جداً في العرب، كانت عندهم غيرة عجيبة، ومع ذلك كان يأتي إليه ويقول: اختر أجملهن فأطلقها وتتزوجها.

فنحن نريد في هذا العصر أن نرجع مثل هذا الخلق.

نسأل الله عز وجل أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً.

مداخلة: وإذا كان عندهم مال فليزوجوا غيرهم! هذا اقتراح وجيه، فلو أن الرجل زوج بهذا المال رجلاً آخر فلا مانع، لكن لابد أن نراعي محبة المرء لنفسه، فهناك بعض الناس ليست عنده القدرة ولا الشجاعة ولا الجرأة أن يخرج عشرة آلاف جنيه مثلاً، وصعب عليه بذلها ليزوج بها غيره، مع أنه يمكن أن ينفقها على ملذاته وشهواته.

فنحن الآن نتعامل مع واقع، فلا ينبغي أن تكون الفتوى في واد، وما هو كائنٌ في واد آخر، المفروض أن تكون الفتوى متماشية مع الواقع.

رجل لا يستطيع أن يفعل هذا، فالحل الآخر أن يقوم هو مقام الرجل الآخر.

أن يعطى الإنسان رجلاً مالاً لكي يتزوج، لا بأس بذلك، لكن إذا لم يستطع ذلك فليتزوج هو، فيكون قام مقام الرجل الآخر الذي تزوج.

وأيضاً نحن لدينا إحصائية خطيرة جداً: أن عدد النساء يكاد أن يصل إلى ضعف عدد الرجال، عدد المطلقات ثلاثمائة ألف امرأة مطلقة في مصر، مطلقات لهن أولاد وبعض المطلقات لا يجدن الأكل -والله لا يجدن الطعام- وبعض الأفراد يقول: إننا لا نرغب في الزواج فأقول لهم: هناك من النساء من يقلن: فليتزوجني ولا يقسم لي، لكن يطعمني وأولادي.

عندما تصل مثل هذه الرسالة وتسمعها أخت مسلمة، كيف تصبر وتنام وهي هانئة أنها مسيطرة على هذا الرجل؟! فلم لا تشرك أختها المسلمة في هذه السعادة؟! لأنها يمكن أن تكون هي نفس المرأة التي تشتكي، يموت زوجها أو يطلقها، معها أولاد! أبوها فقير! وربما قال لها: أنا ما لي علاقة بأولادك، فتضطر المرأة إلى العمل، وتمتهن نفسها أو تتزوج ويسترها رجل.

فنحن نقول لأخواتنا المؤمنات: عليهن أن يرتقين بهذا الإيمان وهذا الخلق، قال الله عز وجل: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:٩].