لكن أدلك على نوع من الهجر لا يكون فيه ذلك الضرر، وتحصَّل مقصود الشارع بالهجر، وهو هجر القلب، فلا تتولاه، ولا تنبسط له، ولا تعنه على شيء واعتزله، فهذا الهجر لا يكلفك شيئاً، ويكون واجباً، ولو أننا هجرنا أهل البدع هجراً قلبياً وكذلك أهل المعاصي لقلَّ العصاة وقلَّ المبتدعة وذلوا.
ونحن بكل أسف لا نهجرهم هجر القلب، مع أنه لا خطورة من هجر القلب، وإبراهيم عليه السلام هجر قومه وهو يمشي بين ظهرانيهم قال:{إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ}[الممتحنة:٤] فتبرأ منهم وهو بين ظهرانيهم، وليس بالضرورة أن تخرج منهم، وإن خرجت فنعمَّا فعلت، ولكن إن لم تستطع أن تخرج يبقى هجر القلب، الذي هو الولاء والبراء، فتتولى المؤمنين وتتبرأ من الفاجرين الكافرين المبتدعين الظالمين.