[شبه العلمانيين حول قول سليمان: لأطوفن الليلة على مائة امرأة والرد عليها]
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن، والثناء الجميل.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
من جملة الأحاديث التي أنكرها أيضاً حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وهو في صحيحي البخاري ومسلم قال صلى الله عليه وسلم:(قال سليمان عليه السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو قال على تسع وتسعين امرأة، كلهن تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه قل: إن شاء الله، فلم يقلها، فلم تلد واحدة منهن أحداً إلا امرأة واحدة ولدت نصف إنسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أما لو استثنى -يعني لو قال: إن شاء الله- لولدت كلهن فارساً يقاتل في سبيل الله، وكان أدعى لحاجته) فيقول: إن هذا الحديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم بالحجج الآتية: أولاً: أنه ليس في مقدور أي إنسان أن يجد طاقةً ووقتاً أن يجامع مائة امرأة في ليلة واحدة، ثم قال: -وكتبها هكذا بالحرف الأسود كنوع من التنبيه- وأرجوا الالتفات إلى هذا؛ لأنه هام.
ثانياً: قال: كيف يقول نبي من أنبياء الله هذا اللفظ غير المهذب في وسط الناس، إنني سأفعل كذا وكذا؟ ثالثاً: كيف لنبي من أنبياء الله أن يشترط على الله عز وجل، أن تلد النساء الذكور، يقول:(كلهن تلد فارساً يقاتل)؟ وما أدراه أنه سيخرج فارساً، قد تخرج امرأة؟ فكيف يشترط على الله تبارك وتعالى مثل هذا؟ أرأيتم كيف الاعتراض على حديث النبي صلى الله عليه وسلم بالجهل؟! يجب على أهل العلم أن يوقفوا هذه المهزلة، الجهات الرسمية الذين يغطون في النوم، الذين يتقاضون مرتبات من الدولة، أين جهات الرقابة في الأزهر؟ تخرج كتب كل يوم وتجد من يقوم بطبعها، بعد أن يأخذوا ترقيمها دولياً من دار الكتب، أين هذه الجهات الرسمية؟ وما عملها؟ وهل يستحقون الراتب الذي يأخذونه إذا كان مثل هذه الكتب تباع على الأرصفة، ويُطْعَن فيها على كتاب الله عز وجل، وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويتكلم الجهلة في دين الله عز وجل؟! متى يصل العطاش إلى ارتواء إذا استقت البحار من الركايا ومن يثني الأصاغر عن مرادٍ إذا جلس الأكابر في الزوايا وإن ترفع الوضعاء يوماً على الرفعاء من إحدى الرزايا إذا استوت الأسافل والأعالي فقد طابت منادمة المنايا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(إن من أشراط الساعة: التماس العلم عن الأصاغر) والعلماء لهم تأويلات في الأصاغر، فقال بعضهم: الأصاغر هم أهل البدع، وقال بعضهم: الأصاغر يعني في العلم، الذين ليس عندهم علم، وكاتب هذا الكتاب رجل له مسجد يخطب فيه، ويدرس هذا الكتاب وأمثاله على الطلبة، كيف لا يطرد مثل هذا الإنسان؟ وكيف يُعترض على مثل هذا الحديث الجميل بمثل هذه الاعتراضات التافهة؟ أولاً: قوله: هل يستطيع رجل أن يأتي مائة امرأة في ليلة؟ أو هل الليلة يستطيع فيها الرجل أن يجد وقتاً لمجامعة مائة امرأة؟ للرد على هذا أقول: إن القدرة على إتيان النساء من تمام الفحولة، وكمال الرجولة، ولا زال العجز عن إتيان النساء معرة عند بني آدم، وأنبياء الله عز وجل لهم تمام الكمالات، فكيف ينكر على من ملَّكه الله عز وجل رقاب الإنس والجن والطير أن يكون له شيء هو موجود عند بعض بني آدم؟! وآسف أنني أقول مثل هذه البدهيات، يضطرنا مثل هذا أن نقول مثل هذا الكلام لنبين هذا التهافت.
ثانياً: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، فلا زال كل شيء في تناقص؛ الزمان والإنسان).
قال صلى الله عليه وسلم:(خلق الله آدم ستين ذراعاً فلا يزال الخلق يتناقص إلى يوم القيامة).
تخيل إنساناً طوله ستون ذراعاً في الهواء:(فلا زال الخلق يتناقص إلى يوم القيامة) كذلك الزمان، كان اليوم أطول.
ومن علامات اقتراب الساعة قِصَر اليوم، وفي حديث الدجال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يلبث فيكم الدجال أربعين يوماً، يوم كسنة -بعدِّكم-، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر الأيام كأيامكم) فهذا يوم في آخر الزمان كسنة، ومع هذا لو تنزلنا وقلنا: إن اليوم الذي كان في أيام سليمان عليه السلام بقصر يومنا، فإتيان المرأة كم يستغرق من الوقت؟ خمس دقائق؟ عشر دقائق؟ لديك أربع وعشرون ساعة، عشر ساعات يأتي كل عشر نساء في ساعة، أيُعْتَرض على هذا الحديث، بمثل هذا الاعتراض التافه الذي لا قيمة له؟ ثم إن الحديث يقول:(قال سليمان عليه السلام لأطوفن) فهل يرى أحد منكم رزقه الله الذوق والفهم أن لفظة: (لأطوفن) غير مهذبة؟! بل هي من ألطف الكنايات في الدلالة على هذا الفعل، كما قال تعالى:{فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا}[الأعراف:١٨٩] فانظر إلى الكناية الجميلة!: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا}[الأعراف:١٨٩] فقوله: (لأطوفن) من ألطف الكنايات؛ لكن الرجل مصاب في ذوقه وفهمه، حتى يرى أن مثل هذه الكناية اللطيفة ليس فيها ذوق.
ثم هل في الحديث أن سليمان عليه السلام جمع الناس وقال: إني سأفعل كذا وكذا؟ لقد ورد في صحيح البخاري: أن صاحب سليمان الذي راجعه وقال له قل: إن شاء الله! ملك، الرواية تقول:(فقال له الملك) رفيقه وصاحبه الذي كان يجالسه قال له: قل: إن شاء الله، فإما أن يكون سليمان عليه السلام قال هذا الكلام بصوت مرتفع فسمعه الملك، فقال: قل: إن شاء الله، وإما أن يكون كالمحدث نفسه بصوت عالٍ وتراه وكأنه يحدث هذا أو ذاك، فأي عيب فيه؟ وهل ترون في هذا اشتراطاً على الله عز وجل؟ لو قال رجل منا: أنا ما تزوجت إلا ليرزقني الله عز وجل برجالاً يتفقهون في دين الله، ويدفعون عن كتاب الله، أيشترط على الله بهذا؟ أم أن سليمان عليه السلام قالها على سبيل الرجاء والتمني؟ وهل لو قلت: أتمنى أن يرزقني الله بعلماء، تكون قد اشترطت على ربك عز وجل أن يرزقك البنين دون البنات؟ أترون هذا أيها الإخوة الكرام في هذا الحديث الجميل الجليل؟ مع ذلك يعترضون على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي الكتاب أكثر من أربعين حديثاً رواه البخاري ومسلم كلها مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم حسب زعمه، ومع ذلك فالكتاب يطبع ويباع.