[حكم وضح الخطوط في المساجد لتسوية الصفوف]
س
السؤال
ذكرتم في شريط بعنوان (الأخذ بالأسباب) أن وجود الخط في المساجد لتسوية الصفوف من البدع؟
الجواب
نعم.
أنا قلت هذا، وما أدري هل الأخ السائل سمع الشريط بإتقان، أنا بسطت الحجة في هذا الشريط، والحجة باختصار: أن هناك قاعدة عند العلماء تقول: (إذا كان للشيء مقتضى على زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فلا يجوز لنا فعله، أما إذا كان الشيء ليس له مقتضى على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هناك نهي خاص به، وفيه مصلحة للمسلمين؛ فيجوز لنا فعله).
القاعدة مبهمة -طبعاً- ومغلقة بهذا السرد، لكن أنا أوضحها بمثالين: وضع الخيط لماذا وضعناه؟ لتسوية الصف.
حسناً تسوية الصف هذه مهمة من؟ مهمة الإمام، ما شددنا الخط على الأرض إلا بعد أن أهمل الإمام مهمته، تجده يقول: استووا.
وقفاه للمصليين، والسنة: أنه لا يقيم الصلاة إلا إذا مر على الصفوف، ويرسل أحداً يكمل، حتى إذا قال له: استوت الصفوف؛ يصلي.
وهذا الحكم ورد في صحيح البخاري في حديث عمرو بن ميمون الأودي وهو يروي قصة مقتل عمر بن الخطاب، وهذا الحديث تجدونه في الجزء السابع من فتح الباري في مناقب عمر بن الخطاب، قال: (وحتى قال عمر: (استووا، وأرسل من يسوي الصف، حتى إذا قالوا له: استوى الصف، كبر، فما هو إلا إن قرأ حتى قال: طعنني الكلب، أو قال كلمة نحوها) فهذا تلقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الرسول عليه الصلاة والسلام.
فالإمام هو الذي ينبغي أن يساوي الصف، فلما أهمل الإمام مهمته، ولم يقم بما أوجبه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسوية الصف وغير ذلك؛ بدأنا نفكر في ضبط الصف بأن نشد خطاً على الأرض.
حسناً: أليس كان بمقدرة الرسول عليه الصلاة والسلام أن يشد حبلاً أو يخط خطاً على الأرض؟ كان بمقدرته أن يفعل ذلك.
حسناً: هل كان مقتضى الخط موجوداً؟ نعم.
وهو تسوية الصف؛ لأن شد الخط للتسوية، فالتسوية هي مقتضى شد الخط أو شد الخيط، إذاً: كان له مقتضى، وكان مقدوراً له أن يفعله ومع ذلك لم يفعله، فدل ذلك على أنه لا يجوز لنا أن نفعله، إذ لو كان جائزاً لفعله من قبلنا.
أما إذا كان لم يكن للشيء مقتضى على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يكن هناك نهي خاص عنه، ولنا فيه مصلحة، فهذا جائز لنا فعله، مثل: إشارة المرور، فإشارة المرور هذه كان لها مقتضى على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ لا؛ لأنه لم يكن هناك سيارات، ولم يكن هناك طرق معبدة ولا مرصوفة، إذاً: فإشارة المرور لم يكن لها مقتضى، فهل ورد تحريم أو نهي عنها؟ لا.
لم يرد نهي عنها.
فهل تسبب لنا مصلحة؟ نعم.
إذاً: يجوز فعلها، وهذا هو الفرق بين البدع وبين المصالح المرسلة والله أعلم.