للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطعن في أبي هريرة رضي الله عنه والرد عليه]

لقد صنف رجل كتاباً وسماه: الأضواء القرآنية لاكتساح ما في البخاري من الإسرائيليات، ويطبع في المطابع، ويباع على الأرصفة، وكأن هذه البلاد لا يوجد فيها عالم، ويطبع الكتاب أكثر من طبعة، بل إن كتاب: أضواء على السنة المحمدية، لرجلٍ أزهريٍ فاسد، فصله علماء الأزهر آنذاك من الجماعة الأزهرية، ألف كتاب: أضواء على السنة المحمدية، يتهم أبا هريرة بالكذب على النبي عليه الصلاة والسلام، ويطبع هذا الكتاب في أكبر دار طبع رسمية في البلد، وهي دار المعارف، ويمر هذا ويباع، ويطبع حتى إلى الآن! فلم يكذب أبو هريرة حافظ الصحابة؟! وهو الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (اللهم حبب أبا هريرة وأمه إلى عبادك، قال أبو هريرة: فلا يسمع بي يهودي ولا نصراني إلا أحبني) عملاً بهذه البشارة، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة حافظ الصحابة، ما طعن واحدٌ قط في صدقه يوماً ما.

فلم يتكلم عن الصحابة بهذا الهراء؟! وتطبع الكتب في الطعن فيهم، وعدم رد العلماء الرسميين عليهم جناية كبيرة، من الذي يحفظ على الناس عقائدهم؟ لقد بدأ الشك يتسلل إلى الذين لا يعلمون شيئاً.

جلست مع بعض الناس وتكلمت معه في هذه المسألة، فقال لي: يا أخي لا يضر السحاب نبح الكلاب.

ومثل هذا كثير.

كنت أتخيل كل شيء إلا شيئاً واحداً، لم أتخيله قط، وهو أن يخرج من بين أظهرنا رجل يدعي النبوة فيجد له أتباعاً، ممكن أن نصدق أي شيء إلا هذه، يخرج رجل من بين أظهرنا يقول: أنا رسول الله، والرسالة لم تختم، ويجد له أتباعاً! إذاً فكثير من الناس مستعد لقبول الباطل الظاهر، وحماية عقائد الناس أمر واجب، ولابد أن يقف العلماء للذود عن دينهم، ولا يغترون بقول القائل: (لا يضر السحاب نبح الكلاب)، وقول الآخر: يا أخي! صحيح البخاري في السماء، فلا يضر أن يأتي جاهل يتكلم على صحيح البخاري دعه يفضفض هذا هو تعبيره.

فلم يتكلم عن صحيح البخاري، ويشكك فيه، ويدعي أن البخاري يروي المكذوبات، فكلما سمع حديثاً قال: وما يدريني لعله مكذوب؟ حتى يأتي ذلك على جميع السنة، فيصبح الناس وليس في أيديهم من البيان الذي امتن الله عز وجل به على المسلمين، حيث يقول سبحانه: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:٤٤]، فإذا جاز أن يلعب بالسنة، وما جاء فيها من البيان والتوضيح؛ فإن الإجمال لا يكفي أحداً، إنكار السنة من حيث التفصيل، وإثباتها من حيث الجملة؛ بدعة قديمة بدأت تطل برأسها الآن.