الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
قصة إبراهيم عليه السلام عزاءٌ لكل الغرباء، من كان غريباً في قومه يدعوهم إلى الله عز وجل؛ فإنه يحتاج إلى من يسليه، ولذلك ضرب الله عز وجل الأمثال والقصص تسليةً وعزاءً للغرباء، وحسبك أن تكون متفرداً في معرفة الله عز وجل، وأن الله اجتباك واصطفاك وعرَّفك، فلا ترضى بالله بديلاً، وثق أنه مهما ابتليت فإن العاقبة لك.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(نحن معاشر الأنبياء نبتلى، ثم تكون العاقبة لنا) وهذا كلام فصل واضح، وقال تعالى:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص:٨٣]، وقال تعالى:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}[المجادلة:٢١]، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:٦٩].
كل هذا يؤكد أن المرء إذا استقام لا يضره كثرة المخالفين له.
وأنت سائر في طريقك إلى الله هناك لصوص، هناك قطاع طرق يريدون سرقة قلبك، أحدهم -بل كلهم- لا يريد جيبك، بل يريد قلبك، فكلما ساق إليك سهماً فإنما يسدده إلى قلبك، ثم إنهم يصرخون عليك وينادونك مرة بالترغيب ومرة بالترهيب، وربما تفاجأ بأحدهم يبشرك بسوء العاقبة وأنت تمشي على الأرض، يقول لك: هذه السكة آخرها مشكلة، أنا لك ناصحٌ أمين، لا تواصل السير.
فإذا كنت ضعيف القلب ووجد هذا الكلام صدىً عندك؛ إما أن ترجع وإما أن تتقاعس في السير فتطول المسافة على نفسك.