[المؤامرة على الحجاب]
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
التربية الإسلامية هي الباب الذي نلج منه إلى التمكين، الحروب التي تقوم في أطراف الأرض، وتنشب في كل زمان، المقصود من ورائها التمكين.
لماذا يقوم النظام العالمي الجديد؟ من أجل السيطرة والتمكين، لكنهم تنكبوا الغزو عن طريق السلاح؛ لأنهم علموا أن المسلمين شجعاناً أبطالاً، أصحاب فداء، فنحوا القوة العسكرية جانباً، وبدءوا بالغزو الفكري وزعزعة العقائد، حتى استطاعوا أن يهزوا الثوابت التي يقوم عليها البنيان الإسلامي كله.
لو هدم رجل جداراً من عمارة لا ينزعج أهل العمارة، لكن لو بدأ يهدم عموداً يقف الكل أمامه، وذلك لأنهم يعلمون أن العمارة كلها ستنهار، هذا الذي فعله أعداؤنا، ومكن لفكرهم هذا الطابور الخامس الذي ما نزال نعاني منه حتى الآن، والحملة مسعورة على أشدها، وازدادت على النساء بصفة خاصة، وبالذات على قضية الحجاب، وقد تركوا اللحى؛ لأنها كثرت جداً، فنقول للمنتقبات أيضاً: إذا كثر الحجاب جداً أيضاً كفوا عنه، مثلما كفوا عن اللحية.
لماذا تمنع الفتاة المتحجبة من دخول الجامعة مثلاً أو دخول المدرسة بينما تدخل بنت أخرى بشعرها؟ لو اعترضت على البنت المتبرجة، لقالوا لك: حرية، فلماذا صادرتم حرية المتحجبة مع أن الدستور عندكم يقول: إن الحرية الشخصية مكفولة ما لم تضر بالآخرين؟! وأي ضرر من امرأة متحجبة؟ هي حرة.
لكن هذه الحرب الضروس لا تستهدف الحجاب فقط إنما الحجاب رمز، مثلما حرقوه في ميدان الإسماعيلية الذي سموه الآن: ميدان التحرير، إشارة إلى تحرير المرأة من دينها وحجابها؛ لأنه رمز التخلف عندهم، نساء يخرجن على ثكنات الإنجليز في ميدان الإسماعيلية، ويخرجن يحاربن الإنجليز، نساء يحاربن الإنجليز!! تمثيلية لكن غبية، كاتب السيناريو غبي، ما استطاع أن يأتي بحبكة مقنعة، فقام الإنجليز يرمونهم بالرصاص، فماذا فعلت النساء؟ قمن بخلع الحجاب، وقد جهزن دلو بنزين وأضرمن النار في الحجاب فما دخل الحجاب بضرب الإنجليز إياكم؟ مسرحية غبية جداً، لكن كان المقصود حرق الحجاب كرمز.
لكن هذا دين الله عز وجل، وهو الذي يرعاه ويكفله، فقد عاد الحجاب بسرعة لم يتخيلها أحد قط، والمدة التي غاب فيها الحجاب عن الساحة خمسين سنة فقط تصور، لم يزل الحجاب فجأة، إنما على مدار عشر سنوات، فمن سنة ألف وتسعمائة وثلاثين كان الزوال الحقيقي الواضح للنقاب، ورجع الحجاب سنة ألف وتسعمائة وثمانين، من سنة ثلاثين إلى ثمانين خمسين سنة -نصف قرن- ما قيمة نصف قرن في حياة الأمم؟ فلما رجع الحجاب بسرعة مذهلة فقدوا صوابهم، وصاروا يضربون ضرب عشواء في كل مكان، يريدون إيقاف هذا الزحف، كل يوم تنضم متحجبات إلى القافلة، هذا دين الله عز وجل، فالحجاب رمز، وهذا علامة الديانة.
يجب أن تعتقد المرأة أنها أس البنيان كله، وأن تعرف عظم المسئولية الملقاة على عاتقها، وأنها مقصودة بهذه الحرب، وأنها المستهدفة في المقام الأول مع ضعفها، وقلة تربيتها، وعدم اعتناء أبويها بها.
أيها الإخوة! اهتزت الثوابت حتى صرت تسمع في بلاد المسلمين من إذا أمر بالصلاة قال: حتى أقتنع، ومن إذا أمرت بالحجاب، قالت: حتى أقتنع، ويأتي الوالد فيعزز وجهة النظر، يقول: أنا لا أريد أن أضغط عليها؛ حتى لا تكره الحجاب، افترض أن هذه البنت لم تقتنع أبداً بالحجاب، والولد لم يقتنع بالصلاة، ما هو المآل؟ ترك الصلاة، هل هذه هي الوصية التي أوصانا الله عز وجل حين قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:٢٤] وحياتنا في الوحي قرآناً وسنة؟ هل هذه هي الوصية؟ الله يأمر، أقول: لا حتى أقتنع!