إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذه خطبة عارضة أسوقها تعليقاً على الأحداث الجارية، وإذا كان تأخير البيان عن وقت الخطاب يجوز، فإن تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه لا يجوز.
إن الأحداث الجارية التي تمر بها الأمة المسلمة تستحق وقفة جادة، وكم وقفنا هذه الوقفات، لكن الجماهير العريضة لا تجعل الإسلام قضية حياة.
ولو استطعنا أن نجعل قضية الإسلام كرغيف الخبز لكنا أعز أمة، ورغيف الخبز أهم عند الجماهير من الإسلام، ولو أن رغيف الخبز غداً صار بعشرة قروش، لحصلت المظاهرات، ولصار الحديث في كل بيت عن رغيف الخبز، وقد حدثت مظاهرات في الثامن عشر والتاسع عشر من يناير (٧٧ م) عندما ارتفع كيلو السكر من أربعين قرشاً إلى ستين قرشاً، وقامت مظاهرات، وحرقت قاطرات وسيارات كلفت ملايين، وسبب ذلك زيادة عشرين قرشاً في كيلو سكر.
فلو استطعنا أن نجعل قضية الإسلام كقضية الخبز، ما قتل منا مائة رجل ساجد كالأبقار بل دم الأبقار -الآن- أغلى من دم المسلمين، وأتحدى أي رجل أن يذبح بقرة في الهند، فقد تطير عنقه في مقابل بقرة، لكن ما وصلنا إليه هو بتفريط كثير منا، وكم قام الداعي يحذر هؤلاء العوام من مغبة ذلك، ولكن لا يحبون الناصحين.