أليس كذلك؟ لو أني قلت الآن: إن هذا غلط، ومن قال: إن إسحاق نيوتن هو مكتشف الجاذبية الأرضية، كل هذا كلام غلط؟! أترى أن الناس سيردون عليَّ أم لا؟ سيردون عليّ، نقول لهم: مَنْ يكون إسحاق نيوتن؟ والذين نقلوا عنه المذهب ماذا يساوون؟ نحن الذين نقول: نشترط في الناقل أن يكون ثقةً عدلاً، لكي نقبل كلامه؛ لأن الفاسق خبره مردود، كما قال الله عز وجل:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات:٦] فاتفق العلماء: أن من رُمِي بالفسق أو ثبت عليه أن خبره مردود، لا يُقبل لا في الدين ولا في الدنيا، لو جاء رجل أمام القاضي وادعى دعوة، قال له القاضي: أين شهودك؟ فقال: شاهدي فلان.
تعال يا فلان! أتشهد أن هذا الرجل له حق؟ قال: نعم.
أشهد.
وبينما هو يقول: نعم.
أشهد، إذ دخل من باب المحكمة رجل، وقال: أيها القاضي! إن هذا الشاهد سب والديه، فإن القاضي مباشرةً يسقط شهادة الشاهد، أو أنه يتعاطى الخمر، أو يشرب حشيشاً، تسقط شهادة هذا الشاهد؛ لماذا؟ لأنه فاسق.
وهذا في الدنيا، فالدين من باب أولى.
فالذين نقلوا إلينا خبر أن إسحاق نيوتن مكتشف الجاذبية الأرضية، نقول لهم: سموا لنا رجالكم، أخرجوهم لنا، من يكونون؟ ماذا تظنونهم؟ إن أغلبهم كفرة، ومع ذلك هؤلاء العلمانيون يقطعون بنسبة هذا الاكتشاف إلى إسحاق نيوتن.
حسناً! رواة صحيح البخاري لماذا طعنتم فيهم، وفي رواياتهم؟ على هذه الروايات وقد نقلها الإمام البخاري عن الثقات العدول إنهم أئمة، فهم نجوم الدجى فلماذا رددتم عليهم رواياتهم؟ بل ما يجري الآن في دنيا الناس يقولون: إن هناك أطباقاً طائرة، يوجد من الناس من يصدق بأن هناك أشياء اسمها: الأطباق الطائرة، ويأتي ناس من الكواكب، لا سيما من كوكب زحل، ويقولون: جاء أناسٌ على طائرة قَدْر هذا، ونزلوا في صحراء كذا، وعملوا كذا، ورآهم شهودُ عَيَانٍ، وليسوا عَيَاناًَ، وعَيَّاناً، وكلاماً من هذا، وبعض الناس يصدق مثل هذا الكلام! إذاً هل تصدقون أنتم هذا الكلام؟ ومن نقل إلينا هذا الكلام؟ إنها المخابرات الأمريكية، أفيهم عدل واحد؟! إن هؤلاء كلهم كفرة.
إذاً عندما ينقلون هذا الكلام، لماذا يُصَدَّق نَقْلُ هؤلاء الكذبة، ويُرد على المسلمين العدول نَقْلُهُم؟! فالمسألة -إذَنْ- ليست مسألة تحاكمٍ علميٍ، المسألة مسألة أهواء.