قضية تكفير الحاكم أصبحت منتشرة وخاصة عند الشباب المبتدئين أو قليلي العلم، فما توجيهاتكم نحو هذا الأمر؟
الجواب
المسألة فيها تفصيل نظري أكثر من العملي وهي من المسائل المهمة، لكن المسلم المعاصر لا يستطيع أن يفعل شيئاً، نفترض أنه يوجد حاكم مستبد وظالم في بلدة من البلدان، ما عسى المسلم المعاصر أن يفعل؟ قد يأخذ حكم المسألة نظرياً فقط كالذين يكفرون الحكام، ثم ماذا بعد ذلك؟ لا يعمل شيئاً، فلذلك البحث في هذه المسائل سيكون بحثاً نظرياً أكثر منه عملياً.
وأنا أعتقد أن كل الناس يعرفون الآن أن الحكام ما بين كافر وفاسق، لا تكاد تجد رجلاً يمكن أن ينجو من واحدة منهما: إما كافر، وإما فاسق.
فإذا كان كافراً أو فاسقاً ما هي النتيجة؟ هل سيخرج عليهم؟ إذا كان هذا الرجل كافراً فلا بيعة له في أعناقنا -مع أنك ترى أنه لا بيعة في الأصل- فما يبقى إلا مسألة وجوب الخروج عليه.
فهذا الوجوب يسقط بعدم الاستطاعة، فمسألة الخروج على الحاكم هذه مسألة صعبة جداً، يقول ابن كثير: كل الويلات التي وقعت في هذه الأمة بسبب محاولة الخروج على الحكام، سواء كانوا ظالمين أو مظلومين، فالخروج على الحكام هو أصل البلاء الذي أصاب الأمة من لدن عثمان بن عفان عندما خرجوا عليه رضي الله عنه حتى هذه الساعة.
فإذا كان الإنسان لا يستطيع الخروج على الحاكم، فإن الواجب يسقط بعدم الاستطاعة، والمهم في المسألة أن مؤدى الباحث في النهاية أنه لا يستطيع أحد أن يخرج على أي حاكم في الظروف الحالية؛ لأنه ما عندهم ما يستطيعون أن يخرجوا به، فلذلك الكلام ليس له كبير جدوى.
مداخلة: ما حكم التحاكم إلى هذا الحاكم الطاغوت؟ الشيخ: كفرنا بالطاغوت على اختلاف أشكاله، وليس المقصود بالحاكم نفسه هو الطاغوت لا، كل ما يتحاكم إليه من دون الله تبارك وتعالى فهو طاغوت، وأنت لابد أن تعلم أن هذه المسألة طويلة جداً، وذيلها طويل، والحقيقة أحياناً يكون فتح هذه المسائل على سبيل الإجمال فيه خلل كبير، لأن أغلب الخلل يأتي بسبب إجمال القول في هذه المسائل، فعندما يسمع أي إنسان قولاً مجملاً يحتمل أكثر من وجهة فممكن أن يوجهه على ما يريد؛ فلذلك فهذه المسائل أظن أن الإجمال فيها لا ينبغي، وأن الأولى والأصوب القول المفصل، ويوضع للبحث محاور وعناوين، وكل عنوان يتكلم فيه بإسهاب، ويرد على المعارضات والشبهات الواردة على هذا الباب.
وهذه المسألة جديرة بتصنيف كتاب يستوعب الكلام عليها من كتب أهل العلم، ويجيب على الشبهات جواباً وافياً، وإن كانت هذه الردود منثورة في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولكنها تحتاج إلى من يجمعها.