[غربة أهل السنة والجماعة]
أهل السنة والجماعة في وسط المبتدعة غرباء، فهم يعاملون في وسط المبتدعة معاملة الأقليات المسلمة في بلاد النصارى، فهذا نوعٌ من الغربة، ولذلك عندما تقرأ عقائد أهل السنة تجد أنهم يذكرون من جملة العقائد مسائل فقهية، يعني يقول لك مثلاً: ومن عقائدنا: أن نصلي خلف كل برٍ وفاجر -مع أن هذه ليست عقيدة- ومن عقائدنا: أن نجاهد مع كل برٍ وفاجر، ونرى المسح على الخفين.
متى ذكر المسح على الخفين في العقائد؟! هذه كلها أحكام فقهية.
إذاًَ لماذا ذكروها في العقائد؟ لأنها مباينة لسنن المبتدعة في ذاك الوقت.
لو كتبنا عقائدنا الآن لقلنا: ومن عقائدنا؛ إعفاء اللحية، ومن عقائدنا؛ النقاب فلماذا نذكر هذا؟ لأن هذا هو شعار الغريب وشعار الغريبة، شعار الغريب: أن يعفي لحيته، وشعار الغريبة: أن تلبس نقابها، والحرب الضروس قائمة على الاتجاهين، وقائمة على النساء بصورةٍ أشد، وهذا من جملة الغربة.
إنسان يركب حافلة فيها أكثر من خمسين رجلاً، وعندما تقف الحافلة في أي نقطة تفتيش، ينظر المسئول في وجوه الركاب، فإذا رأى رجلاً أعفى لحيته قال له: تعال وإن عامله بالحسنى نظر في البطاقة وتحقق، هذا إن أحسن إليه، وإلا فإنهم يأخذونه وينزلونه.
ما هي جنايته؟! أنه حمل شعار الغربة، ورفع هذا الشعار، فقط هذه جنايته.
المرأة المنتقبة تحرم من دخول الجامعة، لماذا تحرم من دخول الجامعة، ومحكمة القضاء الإداري العام قبل الماضي أخرجت حكمها، ونشر في جريدة الأهرام -الجريدة الرسمية- أنه لا يوجد قانون يحدد زياً معيناً؟ فمن حق المرأة المنتقبة أن تدخل الجامعة، وصدر القرار، واستحدثوا قرارات جديدة، تمنع المرأة المنتقبة من دخول الجامعة فرفعنا قضية فكسبناها، ثم بعد فترة ينزل قرار جديد فتمنع من دخول الجامعة وهكذا، هو هذا الجديد في الموضوع، فهذه غربة! يسمح للمرأة أن تمشي (بالمايوه) على شاطئ الإسكندرية أو في المصايف، ويقال: هذه حرية شخصية! حرية العري، اجعلوا في مقابلها حرية التستر فهذا أيضاً من العدل.
هذه غربة، بعض الغرباء يفرون منها، فنراه يحلق لحيته ليستريح، وهذه تخلع نقابها لتستريح نقول: لا، إن شعار الغربة شرف، لا تتركه! إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الإسلام بدأ غريباً، ويعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) هذا هو الجزاء، وهذا هو الشرف لماذا تتركه؟ (إن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة).
طوبى لهم وحسن مآب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة شجرة يقال لها: طوبى، يمشي الجواد المضمر -المسرع- في ظلها مائة عام لا يقطعها) فهذه شجرة الغرباء.
فنحن عندما نذكر المسح على الخفين في جملة عقائدنا فإننا نذكره كما ذكره العلماء قبل ذلك، وكان من شعار المبتدعة ألا يمسح على الخفين، فاضمحل هذا الخلاف، وصار في الكتب، وقلما يتنازع عليه أحد.
اللحية تصلح أن تكون جزءاً من عقائدنا وإن كانت حكماً فقهياً، لكنها صارت قضيةً، وصار يميز بها الغريب في زمن الغربة.