فالإنسان بالصيام يحقق مرتبة الإحسان، يقول الله تبارك وتعالى في الحديث الإلهي المتفق عليه:(كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فقوله تعالى: (فإنه لي) دلالة على عظم الأجر؛ لأنه لم يحدد أجراً، قال:(فإنه لي) وأنا أكرم الأكرمين، لأن الصائم قد يكون أمامه الماء العذب والأكل الجيد ومع ذلك لا يستطيع أن يفطر، ومع أنه معلوم أن الصلاة أعظم من الصيام، إلا أن الله قال عن الصيام:(فإنه لي)؛ لأن العبد لا يستطيع أن يرائي بصيامه، فنحن الآن جالسون في المسجد وقد يكون بيننا صائم، فهل يستطيع أحد أن يعرف من هو الصائم في هذا الزحام؟ لا، لكن كلنا يقطع أن كل من في هذا المسجد صلى الجمعة، إذن فالصلاة مما يمكن أن يرائي العبد بها رغم عظمها فهي أعظم ركن عملي من أركان الإسلام، وثاني ركن بعد الشهادتين، لكن يمكن أن يرائي المرء فيها.
كذلك الزكاة قال تعالى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة:٢٧١] فيمكن للعبد أن يرائي بالصدقة، والحج كذلك فبعض الناس حج مرة وحج مرتين وحج ثلاث مرات فيقال له: الحاج فلان.
فيمكن للإنسان أن يرائي في كافة الأنساك إلا الصيام، لذلك قال الله عز وجل:(فإنه لي وأنا أجزي به) إنما جعل الأجر له لأن العبد يحقق به أعلى مراتب الدين وهو الإحسان.