للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نوح عليه السلام ومعارضة قومه بسنة آبائهم]

نوح أول نبي أرسل -كما في الحديث الصحيح- وعورض بسنة الآباء: قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ} [المؤمنون:٢٣ - ٢٤].

فجعلوا جهل آبائهم قائماً مقامَ الحجة،: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٩١] نعم ما قَدَروه حق قدره، يخلق عباده، ويخلق لهم السماوات والأرض، ولا يرسل إليهم أنبياء يعرفونهم طريق سعادتهم؟! أهذا يليق بالرحمن الرحيم؟! يطعمهم، وينمي أبدانهم، ويملأ بطونهم، ولا يرسل إليهم رسولاً يعرِّفهم به؟ إن الذين زعموا ذلك: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً} [الأنعام:٩١] مَن الذي فعل ذلك؟! مَن الذي أنزل هذه الكتب؟! {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ} [الأنعام:٩١] مَن الذي علَّمكم أنتم وآباءكم؟ {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام:٩١].

فهؤلاء جعلوا جهل آبائهم قائماً مقام الحجة في معارضة الأنبياء.