محكمة النقد الأسبوع الماضي أخرجت الحكم على نصر أبو زيد، وحصلت على حيثيات الحكم من محكمة النقد في أربعة وثلاثين صفاً، وأتيت بأربع صفحات لأقرأها عليكم بعد الخطبة، وهؤلاء ليسوا متطرفين ولا يمتون لنا بصلة، إنما قضاة يتعاملون مع نص أمامهم.
فهذا الذي ذكروه في هذه المذكرة من الكفر لو وزع على أمةٍ من المؤمنين لدخلوا النار جميعاً! ارتكبه رجلٌ واحد، ومع ذلك جرائد ومجلات تخرج وتدافع عن هذا الرجل.
مجلة أسبوعية: الصفحة الثالثة، تنعي الأمة المسلمة بهذا الحكم بالارتداد على هذا المرتد، صفحة كاملة، لو أراد أحدنا أن ينشر فيها إعلاناً مدفوع الأجر لدفع خمسين ألف جنيه، هذه الصفحة خرجت سوداء، وفي أسفل الصفحة:(البقية في حريتكم) على وزن (البقية في حياتك)! لماذا؟ قال لك: لأنه يحكم في مصر على الناس بالارتداد، هذه حرية؟! فصارت حرية الكفر مشروعة، أو هكذا يريدونها، مع أن هذا المرتد ظهر منه استهزاء بالقرآن، والقول بأنه نتاج العقل البشري -هذا كلامه- والكفر بآيات السحر والجن في القرآن، ولمز الرسول عليه الصلاة والسلام بأن المسلمين أعطوه قداسة حتى يكون مشرعاً إلى آخر هذه الموبقات.
هذه هي الجهة التي حكمت أين جهة التنفيذ؟ هل هناك جهةٌ تنفذ الحكم في المرتد حتى يرتدع هؤلاء؟ لو قال رجلٌ: أنا كفرت بالله.
فقال قائل: وأنا أقر مقالته أليس المقر حكمه حكم المبتدع؟ أليس يقتل بهذا الإقرار؟ وهذا الجيش من الصحفيين الذين دافعوا عن هذا المرتد، ألا يكون حكمهم هو حكم ذلك المرتد بدون أي قضية ترفع إلى القضاء؟ أليس هذا هو العدل: أن يقتل هؤلاء وأن يحكم عليهم جميعاً بأنهم مرتدون مثل المرتد الأول الذي يدافعون عنه؟! لكن هؤلاء في مأمن، السبب: أننا نحتاج في كل قضية أن نرفع دعوى.
لو كفر الرجل، وحكمت عليه المحكمة بالكفر، فجاء رجلٌ فقال: وأنا أقول بمثل مقالته.
لا يتعرضون له أبداً، لماذا؟ لأنه لابد من رفع قضية، وأن يجتمع القضاة مرةً أخرى، ويصدروا حكماً على هذا المعتد بالارتداد، وبعد ذلك يقتل إذا كان هناك جهة تنفيذية، أرأيتم مثل هذا العبث؟! لذلك كثر الذين يتهجمون على القرآن والسنة في أمتنا.
نحن أُتينا من بابٍ خطيرٍ جسيمٍ ظل المسلمون يحترمونه ويقدسونه على مدار الأعوام، وعلى مدار الأجيال، حتى في عصور الانحطاط.
ويرجون النصر على أعدائهم، والله الذي لا إله غيره لو أن شخصاً يعبد الحجر، ويعتقد أن الحجر يضر وينفع لانتصر على أمثال هؤلاء، وإن كانوا يقرءون القرآن!! يلعب بالقرآن بهذه الصورة، ويمتهن بهذه المهانة، وتصدر الجرائد كلها تدين القضاة أنهم وقفوا في خندق الإرهابيين، كلما نصروا قولاً يقوله الله ورسوله قالوا: إرهابيون، حتى لو كانوا ينصرونهم بالأمس.