للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطلبيرة (١)، فظهر لهم أن يصلوا إلى غرناطة المحروسة ليظهر للمسلمين ما معهم من العدّة والعدد، ويستأصلوا بالفساد، ويمشوا كذلك على جميع البلاد، إلى أن يصلوا الجزيرة الخضراء (٢) فينزلوها برا وبحرا ويأخذوها عنوة وقهرا.

وكان عدّة الجيش من المنجنيقات والأثقال والطعام قد أوصلته المراكب إلى جبل الفتح وطريف لمجاورتهما للجزيرة طول العام. وقد كان وصل إلى الزقاق (٣) ثلاثة عشر جفنا (٤) كبارا غزوانيّة، وترّددوا بين الجزيرة والمرّيّة (٥)، فوصلوا إلى غرناطة ونزلوا منها على نحو من عشرة أميال بموضع يقال له قنطرة بيّنوس (٦) (بالقرب) (٧) من جبل البيرة (٨)، فملأوا البسيط، {وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ} (٩). وامتدّت الجيوش في طول وادي شنّيل (١٠)، وتواصلت وجاءت وتكاثرت، ولم يكن لهم بدّ من النزول على الوادي بالطول، لئلاّ تمنعهم الكثرة إلى الماء الوصول. فكان ذلك من


(١) طلبيرة: مدينة أندلسية، هي أقصى ثغور المسلمين، وباب من الأبواب التي يدخل منها إلى أرض المسيحيّين، وهي قديمة تقع على نهر تاجة، وبينها وبين طليطلة سبعون ميلا. (صفة جزيرة الأندلس ١٢٧) وترجمتها. (Talvera) :
(٢) الجزيرة الخضراء: مدينة مشهورة بالأندلس، وقبالتها من البرّ بلاد البربرسبتة، وأعمالها متّصلة بأعمال شذونة، وهي شرقيّ شذونة وقبليّ قرطبة، ومدينتها من أشرف المدن، وسورها يضرب به ماء البحر، ولا يحيط بها البحر كما تكون الجزيرة، ولكنّها متّصلة ببرّ الأندلس لا حائل من الماء دونها، ومرساها من أجود المراسي للجواز، وأقربها من البحر الأعظم، وبين الجزيرة الخضراء وقرطبة خمسة وخمسون فرسخا. (معجم البلدان ٢/ ١٥٨ بتحقيق فريد الجندي) وقال الحميري: ويقال للجزيرة الخضراء جزيرة أمّ حكيم، وهي جارية طارق بن زياد مولى موسى بن نصير، كان حملها معه فتخلّفها في هذه الجزيرة فنسبت إليها. وهي أول مدينة افتتحت من الأندلس في صدر الإسلام سنة تسعين من الهجرة. (الروض المعطار ٢٢٣،٢٢٤) وترجمتها. (Algeciras) :
(٣) الزقاق: هو مضيق جبل طارق.
(٤) الجفن والجفنة: نوع من السفن الحربية، وجمعها: جفون، وأجفان وجفان. (السفن الإسلامية، لدرويش النخيلي-ص ٢٣).
(٥) المرّية: مرفأ في إسبانيا على البحر المتوسط، وهي قاعدة إقليم المرّية لمملكة غرناطة. (الروض المعطار ١٨٣).
(٦) في نهاية الأرب ٣٢/ ٣١٠ «قنطرة بينوش».
(٧) كتبت فوق السطر.
(٨) إلبيرة: كورة كبيرة من كور الأندلس، جليلة القدر، وقاعدتها باسمها، وكانت إحدى مدن الأندلس الشهيرة، وتتّصل بأراضي كورة قبرة، وقد خربت في الفتنة وهاجر أهلها إلى غرناطة وبينهما ستة أميال، وبينها وبين قرطبة تسعون ميلا، وبالكورة عدّة مدن منها: قطبلية وغرناطة. (معجم البلدان ١/ ٢٨٩، الروض المعطار ٢٩).
(٩) سورة البروج، الآية ٢٠.
(١٠) شنيل: يعرف هذا الوادي باسم نهر شنيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>