للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلد ضجّة عظيمة. ووقع في ذلك الوقت مطر عظيم غزير. ثم سكت الناس. فلما كان بعد الظهر قرئت بطاقة بالجامع تتضمّن أنه في الساعة الثانية من نهار السبت هذا اجتمعت الجيوش، ووصل الركاب السلطاني إلى مرج الصّفّر. وفيها ظلّ الدعاء من الناس والأمر بحفظ القلعة والبلد (١).

ثم وردت بطاقة أخرى/٧٠ ب/فقرئت بين الظهر والعصر مكتوبة في الساعة الرابعة من نهار السبت المذكور تتضمّن قرب أمر الوقعة. وطلب الدعاء وحفظ القلعة والتحرّز على الأسوار، فدعا الناس في الماذنة والجامع والبلد، وانقضى النهار، وكان يوما مزعجا هائلا.

وأصبح الناس يوم الأحد وشرعوا في التحدّث بكسر التتار من أول النهار.

وخرج خلق كثير إلى جهة الكسوة فرجعوا برؤوس من رؤوسهم وبشيء من المكاسب، وصارت أدلّة الكسرة تقوى قليلا قليلا، والناس مما طرقهم من شدّة الخوف لا يصدّقون.

فلما كان بعد الظهر قرئ كتاب السلطان إلى متولّي القلعة يخبر فيه باجتماع الجيش ظهر السبت بشقحب وبالكسرة. وبعد العصر قرئت بطاقة من نائب السلطنة الأمير جمال الدين فيها تصريح بالمقصود أكثر من الكتاب السلطاني، من مضمونها أنّ الوقعة كانت من عصر السبت إلى الساعة الثانية من يوم الأحد، وأنّ السيف كان يعمل في رقابهم ليلا ونهارا، وأنهم هربوا وركنوا إلى الفرار، ومنهم من اعتصم بالهضاب والتلال، وأنه لا يسلم منهم إلاّ القليل. فأمسى الناس وقد استقرّت خواطرهم وتباشروا بهذا الأمر العظيم والنصر المبارك، ودقّت البشائر بالقلعة من أول النهار المذكور. وبعد الظهر نودي في القلعة بإخراج من دخلها من الجفّال، فشرع الناس في نقل أمتعتهم وحوائجهم.

ووقع أيضا بين الظهر والعصر مطر عظيم غزير.

[دخول ابن تيميّة دمشق]

وفي يوم الإثنين رابعه وصل الناس من الكسوة، ودخل الشيخ تقيّ الدين وأصحابه بكرة النهار والناس يهنّؤنهم ويدعون لهم. وخرج خلق كثير من البلد إلى مكان الوقعة للفرجة والعيان والمكاسب (٢).

[[النداء بعدم المبيت بدمشق]]

ووصل نائب الشام الأمير جمال الدين الأفرم والعسكر الشامي وتوجّهوا إلى


(١) البداية والنهاية ١٤/ ٢٤،٢٥.
(٢) خبر ابن تيمية في: البداية والنهاية ١٤/ ٢٥،٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>