(٢) ما بين القوسين كتب تحت الخبر في آخر الصفحة. وقال ابن الجزري: «أمطرت السماء أول الليل وتوالى المطر الشديد الغزيز الصيّب مع الرعد القاصف والبرق الخاطف المستمرّ إلى أول النهار. ولم يزل ذلك في ازدياد. وجاءت الزيادة وارتفع الماء على الأرض قامة ونصف بمقدار ذلك السيل الذي حصل لدمشق في سنة تسع وستين وستماية، وأخرب شيئا كثيرا من ظاهر دمشق مع جسر باب الفراديس وباب السلامة وباب توما. ودخل إلى المقدّمية داخل باب الفراديس، وأهلك خلق كثيرا من عسكر مصر، وراح من أثقال الأمراء ودوابهم شيئا كثيرا. ومن جملة ما راح للأمير بدر الدين بكتاش النجمي جميع ثقله لأنه كان قد برز ثقله من القلعة إلى سوق الخيل حتى إنهم يحملوا وقت السحر، فجاء السيل وأخذ الجميع مع الدواب والجمال، وهو يومئذ أمير جاندار السلطان وخشداشه ومخاويه قبل السلطنة. حكى لي الأمير سيف الدين ابن المحفدار أن الذي عدم للأمير بدر الدين بكتاش النجمي من القماش والبرك والخيل والجمال وذهب ودراهم في الصناديق وغيره ما قيمته عليه أربع ماية ألف وخمسين ألف درهم، ومن بعدها ما عاد أفلح لأنه حمل على قلبه وراح الجميع. وعدم أيضا للأمير سيف الدين ابن المحفدار تسع جمال وثلاث روس من الخيل وبرك ما يساوي ثمانية ألف درهم. وراح للناس شيئا كثير لأنه جا السيل في الليل والمطر واقع والرعد والبرق، وغرق خلق كثير من بني آدم خصوصا المصريّين لأنهم كانوا نازلين بالميادين، وسوق الخيل ملان منهم، وسوق العسكر وسوقته وخيمهم. وما عرفوا في الليل إلى أين يروحوا أو يلتجوا. فغرق منهم ما شاء الله تعالى. وأما من الجمال والدّوابّ والغنم ما لا يحصيه إلا الله تعالى. وفي تلك المدّة فما رأيت أحدا إلا وهو يشتكي على مقداره. وخربت جماعة بيوت برمّتها، وكذلك من كان فيها وما فيها، وكذلك مصاطيح السفرجل بالرياض ما كانوا بعد أصحابه نقلوها إلى المخازن، فراحت عن بكرة أبيها لأنه كان في أول تشرين الثاني. وكان هذا السيل آية كبيرة-