للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان روى لنا عن ابن عبد الدائم، وسمع الكثير بدمشق، وسمع بالقاهرة من النجيب عبد اللطيف، وبالإسكندرية من أحمد بن النحاس، وابن العمادية. وكان يقرأ بصوت حسن. وينشد شيئا من شعر الصرصريّ (١).

[[توجيه وظائف الفارقي بعد وفاته]]

ولما مات الشيخ زين الدين الفارقي كان نائب السلطنة قد سافر لكشف بعض البلاد القبليّة، فاتّصل سفره بأذرعات والبلقاء وغاب ثلاث جمع. فلما وصل تكلّم الناس معه في مناصب الشيخ زين الدين تدريس الشامية ودار الحديث للشيخ كمال الدين بن الشريشيّ. وعيّن الشيخ جمال الدين ابن الزملكانيّ الناصرية عوضا عن ابن الشريشي، وعيّن الخطابة للشيخ شرف الدين الفزاريّ وأمره بالإمامة والخطابة، فباشر وخطب جمعتين، ولازم الإمامة عشرة أيام. وأما المدارس فاشتغلوا بكتابة تواقيعها، فوصل البريد من القاهرة يوم الإثنين منتصف ربيع الأول، ومعه تقليد بجميع جهات الشيخ زين الدين للشيخ صدر الدين ابن الشيخ زين الدين وكيل بيت المال، وكان بالقاهرة مضافا إلى ما كان بيده من المدرستين، فعلّم عليه نائب السلطنة، وشقّ على الناس خروج الشيخ شرف الدين الفزاري من منصب الخطابة بعد مباشرته، وجميل سيرته، وجودة قراءته، وحسن أدائه.

فلما كان بكرة الإثنين الثاني والعشرين من ربيع الأول وصل صدر الدين على البريد إلى دمشق، وتلقّاه جماعة، وحضر عند نائب السلطنة بالقصر، وانفصل عنه قاصدا الجامع المعمور عقيب الظهر، ففتح له باب دار الخطابة فدخلها، وحضر المهنّئون والمؤذّنون والقرّاء والناس/٧٨ ب/على العادة. فلما حضرت العصر صلّى بالناس، وبقي يومين يباشر الإمامة، فأظهر جماعة التألّم من خطابته، واجتمعوا بنائب السلطنة، فمنعه من ذلك، ورسم له بالمدارس الثلاثة ودار الحديث، فباشرها يوم الأحد الثامن والعشرين من ربيع الأول.

ثم وصل توقيع سلطاني للشيخ شرف الدين الفزاري بالخطابة، فباشر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى، وخلع عليه ثامن جمادى الآخرة، وكذلك انتزعت من صدر الدين الشامية البرّانية للشيخ كمال الدين ابن الزملكاني، فباشرها في مستهلّ جمادى الأولى، واستقلّ صدر الدين بمدرستيه القديمتين ودار الحديث. وسكنت القضيّة (٢).


(١) الصرصري: هو أبو زكريا، يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور بن المعمّر بن عبد السلام الأنصاري، الضرير، فقيه، مقرئ، أديب، لغويّ، شاعر. توفي سنة ٦٥٦ هـ‍.
(٢) خبر وظائف الفارقي في: نهاية الأرب ٣٢/ ٨١،٨٢، والبداية والنهاية ١٤/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>