للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدار الخطابة فجأة، واشتهر موته، وحضر الناس وامتلأ الجامع، وأخرج وصلّي عليه على باب الخطابة، وحمل على رؤوس (١) الناس، وصلّي عليه بسوق الخيل مرّة ثانية، وحضر نائب السلطنة، وغلّقت الأسواق، وشيّعه الجمّ الغفير إلى عند قبر والده بسفح قاسيون فوق مغارة الجوع فدفن هناك، رحمه الله تعالى، وقرأ الناس على القبر سورة «الأنعام» وانصرفوا.

وكان كاملا في الإمامة، نظيف العرض، حسن الهيئة، مليح الصورة، وافر السكون، ملازما الوظيفة، قائما بحقوق الناس، كثير التواضع، نشأ في خير وديانة وصيانة، وسمع الحديث على ابن البرهان، وابن عبد الدائم، وجماعة كبيرة، وأمّ بالمسجد الذي بالقرب من البيمارستان النوري مدّة وهو صبيّ، ثم انتقل إلى إمامة مشهد ابن عروة، ثم انتقل بعد والده إلى إمامة الكلاّسة وأمّ بها على أحسن حال وأجمل طريقة. وكان من أطيب الناس صوتا في المحراب وأعرفهم بالموسيقا، وكان الناس يقصدون الإئتمام به خصوصا في التراويح في كل سنة. وأقام بها إماما مستقلاّ من تاريخ موت والده من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين إلى شهر ربيع الأول من هذه السنة خمسة (٢) وثلاثين سنة. ثم/١١١ ب/ولي الخطابة من غير طلب ولا تعرّض، بل وصل توقيعه بذلك من الديار المصرية، فطلبه نائب السلطنة ودفعه إليه، فوليها مكرما مخطوبا إلى ذلك، وأقام فيها ستة أشهر ونصف، وفرح الناس به، وكانوا يقبّلون يده ويتبرّكون بثيابه وما يصل أيديهم إليه منه. وأمّ في التراويح وصلّى صلاة حسنة تامّة الأركان، وصلّى العيد بالمصلّى، وشكرت خطبته، ورجع الناس معه وهو يسلّم على أهل الأسواق كأنه يودّعهم. ومرّ بنا ونحن في الرواق القبليّ، فبدأنا بالسلام وهنّانا بالعيد، وصام بعد العيد الأيام الستة التي ورد فيها الحديث الصحيح، ودخل الحمّام قبل موته بساعة، وصلّى سنّة الفجر وغشي عليه فعجز عن الخروج إلى الإمامة بالناس، ومات من ساعته.

وقيل إنه تلك الليلة جامع أهله.

ومولده ليلة الجمعة ثاني رمضان سنة أربع وأربعين وستماية بدمشق.

[[الإذن بالإمامة والخطابة]]

وأذن نائب السلطنة للقاضي جلال الدين القزويني في مباشرة الإمامة والخطابة،


= بالوفيات ٢/ ١١٩، والبداية والنهاية ١٤/ ٤٤، والسلوك ج ٢ ق ١/ ٣٢، والدرر الكامنة ٣/ ٣٣٥ رقم ٨٩٢، والدليل الشافي ٢/ ٥٩٨ رقم ٢٠٥٤، والمنهل الصافي ٩/ ٢٩٧،٢٩٨ رقم ٢٠٦٢، وتذكرة النبيه ١/ ٢٧٦، ودرّة الأسلاك ١/ورقة ١٧٣، وتالي كتاب وفيات الأعيان ١٥٥ رقم ٢٥٣، وعقد الجمان (٤) ٤٣٩.
(١) في الأصل: «روس».
(٢) الصواب: «خمسا».

<<  <  ج: ص:  >  >>