للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجالسة، قليل الخروج من بيته، موفّرا على مطالعة الكتب الأدبية يؤلّف منها أشياء حسنة.

وكان قدومه دمشق في سنة سبع وتسعين وستماية، فبقي نحو سنتين، وقرّر له في الشهر/٣٢٢ أ/ثلاثماية درهم على المصالح، ثم إنه سافر إلى العراق سنة التتار وباع جملة من كتبه وحوائجه، وجمع نحو ثلاثماية دينار وتجهّز بها، ووصل إلى بغداد وأقام بها في ضيق، ثم سافر إلى تبريز فأكرهه القطب الشيرازي وكان يبرّه ثم عاد إلى بغداد فولّي نظر المستجد، ومشيخة.

وأمّا أخوه الكبير فخر الدين فكان عارفا بتحصيل الأموال وعمارة الأرضين وقمع المفسدين. ولّي نيابة واسط والحلّة والكوفة مدّة طويلة. وكان كريما شجاعا فاضلا في علم الإنشاء والنظم ومباشرة الديوان. ولم يزل على ذلك إلى أن قتل ببغداد تحت دار الشاطية، وكان عليه ديون أكثر من ماية ألف دينار وصودر وأهله وأقاربه وأتباعه. وكان يكاتب سلطان المسلمين. وكان الملك الأشرف ابن الملك المنصور، رحمهما الله تعالى، أرسل إليه توقيعا وعلما وخاتما، وتقرّر بينهما أنه إذا دخل السلطان أرض العراق يقدم عليه بجيشه فإنه كان نائب سلطنة. ولما ورد أخوه قوام الدين المذكور إلى الديار المصرية في سلطنة الملك الناصر ودولة سلاّر والششنكير أراهم التوقيع والعلم والخاتم، فأكرموه وأحسنوا إليه، وبسبب ذلك قرّر له الثلاثمائة درهم المذكورة على المصالح.

[[عودة السلطان من الحجاز]]

وفي يوم السبت الثاني عشر من المحرّم دخل السلطان الملك الناصر -نصره الله وتقبّل منه-إلى القاهرة من الحجاز الشريف، وزيّن البلد لذلك (١).

[[وصول أعيان من الحجاز إلى دمشق]]

ووصل إلى دمشق في يوم الأحد الثالث عشر منه الصاحب شمس الدين من الحجاز الشريف، ومعه الأمير ناصر الدين الخزندار السيفي، وكان تلقّى السلطان إلى المدينة الشريفة النبوية، وكانا فارقا السلطان من عقبة أيلة، ودقّت البشائر بدمشق عقيب ذلك لسلامة السلطان وعافيته وقضاء مناسكه، ووصوله إلى مستقرّ ملكه. ثم وصل إلى دمشق الأمير ناصر الدين الدوادار السيفي، (من القاهرة) (٢) في ليلة الثاني والعشرين من الشهر المذكور.


(١) خبر عودة السلطان في: تاريخ سلاطين المماليك ١٦٩، والبداية والنهاية ١٤/ ٩٥، والسلوك ج ٢ ق ١/ ٢٠٠،٢٠١.
(٢) عن هامش المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>