للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الريح العاصفة بجون طرابلس]]

وفي يوم الأربعاء ثاني صفر كان جماعة من زوق (علاء الدين) (١) الدربساكي مقدّم التركمان جالسين بالزوق المذكور بالأرض التي بين أرض الركيكة (٢) بين قرية تلّ زبيد (٣) وبين قرية المعيصرة من الجون (٤) من عمل طرابلس بعد صلاة الظهر، ثارت عليهم ريح عاصف من جهة البحر فقويت على بيوت الدربساكي (٥) المذكور، وكثرت البعوث، ولم يعدم له شيء من الأموال والأنفس، ثم تعدّت الريح إلى بيوت الحاج طرالي (٦) بن ألبكي، فكوّنت عمودا أغبر متّصلا بالسّحاب صورة تنّين، وبقيت على بيوته ساعة زمانية تروح عنه يمينا وشمالا، ثم تعود إلى البيوت، فما تركت له شيئا لا من البيوت ولا من الأثاث. ولما عاين طرالي المذكور قال: يا ربّ قد أخذت جميع الرزق وتركت العائلة بلا رزق، أيش تركت لهم حتى أطعمهم؟ فعادت الريح ودارت على بيوته صورة تنّين فأهلكته وأهلكت زوجته وابنته وابني ابنته وجاريته، وجماعة عددهم أحد عشر نفرا، وتجرّح ثلاثة أنفس من ملاقاة الأخشاب والحجارة عند توافر الرياح، وخطفت الريح جملين لطرالي وقذفت الريح بهما في الجوّ مقدار عشرة أرماح، وتقطّع القماش والأثاث وتفرّق في الجوّ وغاب عن العيون، وطوت الريح قدور النحاس والصاجات وصارت قطعا بعضها على بعض، وحملت الريح بجارية طرالي المذكور من مكان إلى مكان بعيد مسافته قدر سبعين نشّاب، وإلى جانب الزوق عرب خطفت الريح منهم أربعة أجمال (٧) وارتفعت بهم في الجوّ، ووقعوا قطعا، وهلك معهم دوابّ كثيرة. ثم وقع بعد ذلك مطر وبرد قطع كبار تقدير القطعة ثلاث أواق ودونها على هيئة أشطاف الحجارة، منها مثلّث ومربّع، وهلك من الزرع والغلاّت شيء كثير.

وعدّة القرى اللاتي أصابها ذلك أربعة وعشرون، /٢٧٨ ب/منها قرى لا تردّ البذار، ومنها ما يردّ النصف والثلث ونحو ذلك. وهذه القرى بالساحل.

ورسّم للأمير شهاب الدين (٨) نائب السلطنة بطرابلس بالكشف عن ذلك، وندب من مجلس الحكم بطرابلس من شاهد ذلك من العدول. وكتب بذلك


= والنهاية ١٤/ ٨٦ و ٨٨، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٦٨، والتذييل على دول الإسلام ٢/ ٢٢٥، ونثر الجمان ٢/ورقة ١٢٠ ب، والسلوك ج ٢ ق ١/ ١٨١، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٦٣٥.
(١) ما بين القوسين عن هامش المخطوط.
(٢) في نهاية الأرب: «الوكيل».
(٣) غير معروفة الآن. وهي حسب الوصف في بلاد عكار شمال طرابلس الشام.
(٤) هو جون عكار.
(٥) في نهاية الأرب: «الدرساكي».
(٦) في نهاية الأرب: «طوالي».
(٧) الصواب: «جمال».
(٨) هو الأمير شهاب الدين قرطاي.

<<  <  ج: ص:  >  >>