البرزالي هو الشيخ، المحدّث، الإمام، العالم، الحافظ، مفيد الشام، مؤرّخ الإسلام، علم الدين، أبو محمد، القاسم ابن العدل الكبير بهاء الدين محمد بن يوسف ابن الحافظ زكيّ الدين البرزاليّ الإشبيليّ، الدمشقيّ، الشافعيّ، شيخ الحديث.
ولد في جمادى الأولى سنة خمس وستّين وستمائة، وحفظ القرآن، و «التّنبيه»، و «مقدّمة» في صغره. وسمع سنة ثلاث وسبعين من أبيه، ومن القاضي عزّ الدين بن الصّائغ، فلما سمعوا «صحيح مسلم» من الإربليّ بعثه والده فسمع الكتاب في سنة سبع، فأحبّ طلب الحديث، ونسخ أجزاء، ودار على الشيوخ، فسمع من: ابن أبي الخير، وابن أبي عمر، وابن علاّن، والمقداد، وابن الدرجيّ، وابن شيبان، والفخر.
وجدّ في الطّلب وذهب إلى بعلبكّ، ثم ارتحل إلى حلب سنة خمس وثمانين، ومنها ارتحل إلى مصر، وأكثر عن العزّ الحرّاني، وطبقته.
وكتب بخطّه الصحيح المليح كثيرا. وخرّج لنفسه وللشيوخ شيئا كثيرا، وجلس في شبيبته مدّة مع أعيان الشهود، وتقدّم في الشروط، ثم اقتصر على جهات تقوم به.
وورث من أبيه جملة، وحصّل كتبا جيّدة وأجزاء في أربع خزائن، وبلغ ثبته بضعة وعشرين مجلّدا، وأثبت فيه من كان سمع معه.
وله «تاريخ» بدأ فيه من عام مولده، الّذي توفّي فيه الإمام أبو شامة، فجعله صلة «لتاريخ أبي شامة» في خمس مجلّدات أو أكثر. وله مجاميع مفيدة كثيرة وتعليق، وعمل في فنّ قلّ من بلغ إليه. وبلغ عدد مشايخه بالسماع أزيد من ألفين، وبالإجازة أكثر من ألف، رتّب ذلك كلّه وترجمهم في مسوّدات منمّقة.