للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكاكين، ونهبوا ما فيها، وجعلوا خيولهم بين أيديهم في وسط سوق باب البريد، وذلك لأجل حفظ المجانيق التي بالجامع، وامتنع الناس من دخول الجامع من باب البريد، وانتقل/١١ أ/السكان بنواحي باب البريد من الدّور، وعجزوا عن حمل ما فيها من الأمتعة، وخاف الناس من الخروج، ولزموا البيوت، وقلّ الناس في البلد وخافوا من إلزامهم بطمّ الخندق، والاستعانة بهم في شيء من أمور الحصار، وردّت أبواب الجامع وغلّق بعضها، وقلّ الناس بالجامع، وقلّ من يحضر الصلوات خوفا من التشليح. وقبل ذلك كان الجامع ممتلئا من الناس ومن الغرباء والفلاّحين وأهل الحواضر. (١)

[[نهب دير الحنابلة]]

وفي يوم الثلاثاء ثاني جمادى الأولى نهب دير الحنابلة بسفح قاسيون نهبا عامّا،

وسبي من كان فيه، وأوذي قاضي القضاة تقيّ الدين الحنبليّ، ودخل جماعة إلى البلد في ضرورة وحال شديدة.

وقيل إنه أسر من الصالحية نحو الأربعة آلاف، وقتل نحو الأربع ماية، وأحرق أماكن حول القلعة، منها دار الحديث الأشرفية وما جاورها إلى دار الحديث النورية وما قبالتها إلى العادلية الصغيرة، واحتاط التتار بهذه النواحي والأماكن التي لم يصل إليها الحريق. فنهبت ونقضت أخشابها، وقطّع ما فيها من الرخام وأخذ ما فيها من الأثاث والكتب وبيع بأقلّ الأثمان، وبقيت تلك الأماكن موحشة لا يجسر (٢) أحد أن يمرّبها، وانتقل الناس ممّا قاربها خوفا من وصول الأمر إليهم، وكثر النهب في البلد، وخاف الناس من المشي فيه. وكان الشخص إذا احتاج إلى الخروج لضرورة خرج مسرعا خائفا وجلا في ثياب رثّة، فكان الجامع يغلق بين العشاءين، ومن تأخّر فيه شلح، وكان يصلّي العشاء والفجر فيه نفر يسير، وكان التتار يبيتون فيه بسبب المجانيق (٣).

[[قراءة مرسوم ملك التتار]]

وفي يوم الجمعة خامس جمادى الأولى حضر الجمعة بالجامع طائفة قليلة، وخاف الناس من الخروج من البيوت على أنفسهم وعلى أهليهم، والأمر في المصادرة والجباية من الأسواق على حاله، وطلب أيضا من المدارس مبلغ كثير أكثر من ماية ألف، ثم أطلق بعضه، وغلت الأسعار، وقرئ في هذه الجمعة بالجامع مرسوم/


(١) خبر إفساد التتار في: تاريخ الإسلام ٨٦،٨٧، ودول الأسلام ٢/ ٢٠٤، والبداية والنهاية ١٤/ ٨، ومنتخب الزمان ٢/ ٣٧٦.
(٢) في رسالة عفيان ١٣٣ «لا يجرؤ»، وما أثبتناه هو الصحيح.
(٣) خبر الدير في: تاريخ الإسلام ٨٦، وتاريخ سلاطين المماليك ٧٣،٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>