للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وصول جماعة من المقدّمين من مصر]

واستمرّ الناس في سكون إلى يوم الخميس سابع جمادى الأولى، فوصل فيه الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار وجماعة من المقدّمين ومعهم من جيش مصر نحو الألف فارس، ففرح الناس بهم، لكن اشتهر في اليوم المذكور أنّ السلطان توجّه راجعا إلى القاهرة، وأنّ هذا هو الجيش المرسل إلى الشام. فوجفت القلوب، واستمرّ الناس في الكرى والسفر، وباتوا ليلة الجمعة في خوف ووجل (١).

[[وصول نائب بعلبك]]

وفي بكرة الجمعة ثامن جمادي الأولى وصل نائب بعلبك ومعه جماعة من الرجال (٢).

[والي دمشق يحثّ الناس على الرحيل]

وفي يوم السبت تاسع جمادى الأولى أصبح الناس في خوف عظيم، وذلك أنّ والي المدينة ابن النحاس جفّل الناس بنفسه، وصار يمرّ على الناس في الأسواق ويقول: ما يجلسكم، وفي أيّ شيء أنتم قعود؟ سافروا، كل قادر لا يقعد.

فلما كان وسط النهار المذكور نادت المنادية في وسط البلد وأسواقه بذلك، فعرف ذلك الخاص والعام، وبقي الناس في أمر كبير، وصاح النساء والولدان، وبقي على الناس ذلّة وخمدة، وغلّقت الحوانيت، وجرى أمر كبير، وذكر الناس أن أمر عسكر المسلمين قد فرط فيه الأمر، وذلك أنّ المصريين قد رجعوا، وعسكر دمشق لا يقوم بعساكر التتار لو ثبتوا، كيف وهم عازمون على الهرب، ونائب السلطنة من عزمه اللقاء لو ثبتت معه الناس، أمّا إذا خذلوه فلا حيلة له، وإنّ الناس بدمشق قد صاروا طعمة للعدوّ، /٣٩ ب/فإنّه قد قارب الوصول إليهم، وذكروا أنّ غازان يركب من مخيّمه ظاهر حلب في عاشر جمادى الأولى قاصدا دمشق (٣).

[[احتماء الناس بقلعة دمشق]]

ودخل القلعة في هذا اليوم خلق كثير من الناس ومن الأطعمة والحوائج والآلات، وصارت الأحمال تدخل إليها على الدّواب ولا يردّ أحد، وضاقت بالناس المنازل بها، بحيث رضي الناس أن يقعدوا جلوسا في مكان لا يستطيعون فيه النوم،


(١) خبر وصول المقدّمين في: تاريخ الإسلام ١٠١، والنهج السديد ٣/ ٥٤٠.
(٢) خبر نائب بعلبك في: تاريخ الإسلام ١٠١.
(٣) خبر والي دمشق في: تاريخ الإسلام ١٠١، ودول الإسلام ٢/ ٢٠٥، والبداية والنهاية ١٤/ ١٥، ١٦، والنجوم الزاهرة ٨/ ١٣٢، والنهج السديد ٣/ ٥٤٠،٥٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>