ومنهم الشيخ الإمام. الحافظ، الثقة، الحجّة، مؤرّخ الشام، وأحد محدّثي الإسلام، علم الدين، مفيد المحدّثين، أبو محمد، القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يدّاس البرزالي، الإشبيليّ الأصل، الدمشقيّ، صاحب التاريخ الخطير، والمعجم الكبير، كان بأسماء الرجال بصيرا، وناقلا لأحوالهم نحريرا، مولده فيما وجدته بخطّه في ليلة عاشر جمادى الأولى سنة خمس وستين وستمائة بدمشق، ومات بخليص محرما في ثالث ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة.
ولقد حكى بعض مشايخنا عنه أنه كان إذا قرأ الحديث ومرّ به حديث ابن عباس في قصة الرجل الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات. . . الحديث:
وفيه «فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا»، فكان إذا قرأه يبكي ويرقّ قلبه، فمات محرما بخليص كما تقدم.
وسمعت بعض مشايخنا يذكر أنّ الحفّاظ الثلاثة: المزّي، والذهبي، والبرزالي، اقتسموا معرفة الرجال، فالمزّي أحكم الطبقة الأولى، والذهبي الوسطى، والبرزالي الأخيرة، يعني كمشايخ عصره ومن فوقهم بقليل، ومن بعدهم. ومن اطّلع على معجم البرزالي حقّق ذلك.
وفيه يقول الذهبي فيما أنبؤنا عنه:
إن رمت تفتيش الخزائن كلّها … وظهور أجزاء حوت وعوالي
ونعوت أشياخ الوجود وما رووا … طالع أو اسمع معجم البرزالي
وهو الذي مدحه الشيخ العالم الأوحد، أبو عبد، الله محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الموصلي، الطرابلسي، الشافعي، لما قدم حاجّا في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: