للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعاد الشيخ تقيّ الدين ومن معه إلى البلد ليلة السبت الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر (١).

[[خوف أهل دمشق]]

وفي يوم السبت هذا اشتهر (٢) أنه لا بدّ من دخولهم البلد والعيث (٣) فيه والنهب، وخرج شيخ المشايخ من العالية إلى العسكر، وأشار على الناس بالخروج من البلد. ثم إنه عاد آخر النهار وحضر إليه الأعيان وبذلوا فداء البلد بالأموال.

وفي يوم الأحد الثالث والعشرين من ربيع الآخر أصبح الناس في خوف شديد وبرد شديد، وأخذ من البلد في هذه الأيام أكثر من عشرة آلاف فرس، واشتدّ في آخر الشهر الطلب من الناس، وقدّر عليهم مبلغ، ثم أضعف، فقرّر على أهل الخوّاصين ماية ألف درهم، وكذلك على أهل الرمّاحين، وستّون ألفا على أهل سوق عليّ،


(١) خبر خروج ابن تيمية في: نهاية الأرب ٣١/ ٣٩٥،٣٩٦، وتاريخ الإسلام ٨٢، وتاريخ سلاطين المماليك ٧٠، وذيل مرآة الزمان ٤/ورقة ٣١٥، والبداية والنهاية ١٤/ ٧، والإلمام بالإعلام ٥/ ٢٣٦، والنهج السديد ٣/ ٤٩٦. وقال ابن كثير: «وكلّمه الشيخ تقيّ الدين كلاما قوّيا شديدا فيه مصلحة عظيمة عاد نفعها على المسلمين». وقال ابن أبي الفضائل: «وحكى الشيخ علم الدين البرزالي (في المطبوع: البورالي) قال: اجتمعت بالشيخ تقي الدين بن التيمية فذكر أنه اجتمع بشهاب الدين قطلو شاه، وذكر له أنه من أولاد جنكيز خان وأنه أجرود ولا شعرة بوجهه أصلا، وأنه في ذلك العهد له من العمر اثنين وخمسين سنة، وأنه ذكر له أن جنكيز خان جدّه كان مسلم (!) وكل من خرج عن ذريّته وعن طاعته فهو خارجيّ. وذكر أيضا اجتماعه بالملك غازان وبالوزيرين سعد الدين ورشيد الدولة الوزير المتطبّب، والشريف قطب الدين ناظر الخزانة، وبكاتبه صدر الدين، وبالنجيب الكحّال اليهودي، وبشيخ الشيوخ نظام الدين محمود، وبأصيل الدين ابن النصير الطوسي ناظر الأوقاف، وذكر أنه رأى عند قطلو شاه صاحب سيس وهو أشقر كثّ اللحية، ومعه طائفة قليلة، وذكر أن سفر قطلو شاه كان ظهر يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من الشهر، كان اجتماعه بهؤلاء بسبب الأسرى، وذكر أنهم يكتبون في جميع فرامينهم: بقوّة الله تعالى وبميامن الملّة المحمدية. وذكر أنه اجتمع بشخص منهم فيه دين وسكون وصلاة حسنة، فسألته: ما السبب في خروجك وقتالك المسلمين؟ قال: أفتانا شيخنا بتخريب الشام وأخذ أموالهم لأنهم لا يصلّون إلاّ بالأجرة، ولا يأذنون (!) إلا بالأجرة، ولا يتفقهون إلاّ لذلك). (النهج السديد ٣/ ٤٩٦ - ٤٩٨).
(٢) في رسالة عفيان ١٢٣ رقم ٧٤ «وفي يوم السبت هذا الشهر (تيقن). . . وقال في الحاشية: ما بين العضادتين-أي: تيقّن-ليست في الأصل، ولا بد منها لاستقامة المعنى». ونقول إنّ ما أثبتناه هو الصحيح كما في المخطوط، وهو لم يحسن قراءة الجملة.
(٣) في رسالة عفيان ١٢٣ «العبث». وما أثبتناه هو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>