للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الرحبة فلم يدخلوا دمشق، بل توجّهوا إلى جهة ميدان الحصا، وأعلن الأمير سيف الدين كجكن سلطنة الملك المنصور حسام الدين، وأعلم جيش دمشق بذلك، فخرج إليه الأمراء طائفة بعد طائفة. وقد كان توجّه يوم الجمعة أميران من دمشق إلى جهة القاهرة (١).

[[إعلان الملك العادل الطاعة للسلطان حسام الدين لاجين]]

ولما تحقّق الملك العادل ذلك، وعلم انحلال أمره بالكلّية أذعن بالطاعة للأمراء، وقال لهم: «هذا الرجل هو خشداشي، وأنا في خدمته وطاعته». وأحضر الأمير سيف الدين جاغان الحسامي إلى القلعة، فقال له الملك العادل: «أنا أجلس في مكان بالقلعة حتى تكاتب السلطان وتعتمد ما يرسّم به». فلما رأى الأمراء منه ذلك تفرّقوا واجتمعوا بباب الميدان، وحلفوا لصاحب مصر، وأرسلت البرد مساء نهار السبت، واحتفظ على القلعة وعلى الملك العادل، ولبس جند دمشق، وسيّروا ظاهر القلعة وخارج البلد عامّة نهار السبت، والناس في هرج، وأقوال مختلفة، وأبواب البلد مغلقة سوى باب النصر، وباب القلعة مغلق، وباب الخوخة صعب، واجتمع الناس بها، والناس من باب القلعة إلى باب النصر وظاهر البلد، حتى سقط منهم جماعة في الخندق، فسلم جماعة، وهلك نفر منهم دون العشرة. وأمسى الناس يوم السبت وقد أعلن باسم الملك المنصور ولا يختفي أحد بذلك، وشرع وقت العصر في دقّ البشائر على القلعة.

وفي سحر ليلة الأحد ذكره المؤذّنون بجامع دمشق، وتلوا قوله تعالى: {قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ} (٢) الآية إلى آخرها، وأظهروا اسمه والدعاء له، وذكره قارئ المصحف بعد صلاة الصبح بمقصورة الحديث، ودقّت البشائر على أبواب أمراء دمشق دقّا مزعجا، وأظهروا الفرح والسرور، وزيّنت أسواق البلد جميعها.

وأمّا الصاحب شهاب الدين الحنفي فإنّه دخل يوم السبت من الصالحية فرأى الأمر قد اضمحلّ فرجع وحده وخفي أمره، /٢٥٦ ب/وكذلك أخوه المحتسب زين الدين، وبقيت البلد معطّلة من الحسبة، فركب ابن النحاس الوالي ونظر في الحسبة وفي أمر الخبّازين، وأحكم أمرهم يوم السبت (٣).

[[النداء بسلطنة المنصور لاجين]]

وفي يوم الأحد نادى جماعة بدمشق بسلطنة الملك المنصور مقام الم‍ (. . .) (٤)، وأمر الناس بفتح حوانيتهم واشتغالهم بمعاشهم على عادتهم،


(١) خبر وصول كجكن في: تاريخ حوادث الزمان ١/ ٣٣٣.
(٢) سورة آل عمران.
(٣) خبر إعلان الملك العادل في: تاريخ الإسلام (٦٩٦ هـ‍.) ص ٥١.
(٤) بقية الكلمة غير مقروءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>