للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ الوفيات تستأثر بالحيّز الأكبر من «تاريخه»، فلا غرابة إذن، أن يفتتحه بترجمة أحد المتوفّين في ليلة الرابع من المحرّم من سنة ٦٦٥ هـ‍.

وهو يتّخذ السنة عنوانا ومدخلا أساسيّا، ثم يعتمد الشهور على التوالي، فيسرد الوفيات والحوادث في كل شهر حسب تتابعها، وفي الغالب يذكر اليوم المحدّد من الشهر، فإن لم يعرف ذلك اليوم على وجه الدقّة، ذكر الوفاة أو الخبر في آخر الشهر الذي يؤرّخ له. ومن أمثلة ذلك نعود إلى أول الكتاب، حيث يبدأ بالعنوان الرئيس:

سنة خمس وستين وستماية، ثم بالعنوان الثاني، وهو شهر المحرّم، وبعد ذلك يبدأ بالسرد التفصيلي، فيذكر أنه في ليلة الرابع من المحرّم توفي ابن عمروك البكري. . .، وعندما يذكر الترجمة التالية لابن سلامة خطيب قرية عذرا، اكتفى بالقول: «وفي المحرّم توفي. . .»، فهو لم يقف على اليوم المحدّد لوفاة «ابن سلامة» في الشهر المذكور، لهذا أخّره فذكره في آخر وفيات شهر المحرّم. وهكذا يفعل في وفيات كل شهر ممّن لا يعرف تواريخ وفياتهم فيه بالتحديد. ومثل هذا فعل في الذين لم يعرف في أيّ شهر كانت وفاتهم، فيذكرهم في آخر السنة، باعتبار أنهم توفوا أثناءها، وكذلك يذكر بعض الأخبار والحوادث في آخر كل سنة لعدم معرفته بالشهر الذي جرت فيه، فيقول: «وفي هذه السنة حدث كذا. . .»، وفي هذه السنة توفي فلان. . .».

أمّا ترجمته للمتوفّين فهي تعتمد على العناصر التالية-في الغالب-:

البدء بتأريخ يوم الوفاة، وتحديد الوقت من اليوم إن كان صباحا، أو ظهرا، أو بعد العصر، أو عشاء، أو في الليل، أو عند الفجر، ثم يذكر صفته الوظيفيّة أو منصبه مثل القاضي، أو الإمام، أو الشريف، أو الأمير، أو الصاحب، أو الصدر، أو الأديب. . ثم يذكر لقبه، ثم كنيته، ثم اسمه واسم أبيه وجدّه ومن فوقه إن كان يعرف أسماءهم، ثم يذكر نسبته، ثم مذهبه، ثم مكان وفاته، والمكان الذي دفن فيه.

وبعد ذلك يذكر تاريخ مولده، ومكان ولادته، ثم يذكر شيوخه، وأماكن سماعه، إن كان محدّثا، ووظائفه، ومن روى عنه.

وقد ينقص عنصر من هنا أو عنصران من هناك، أو يزيد، أو يتقدّم هذا على ذاك حسب توفّر المعلومات أو نقصها من ترجمة إلى أخرى، على اعتبار أنّ المترجم لهم في الكتاب ليسوا كلّهم في مستوى واحد من المكانة والأهميّة، فمنهم الأمير والوضيع، والعالم والجاهل، والمشهور والمغمور، والسلطان والصعلوك. والكبير والصغير. . .

ويغلب على تراجم الوفيات الاختصار وعدم الإطالة، بالمقارنة مع التراجم عند معاصريه من المؤرّخين، اليونيني، وابن الجزري، والذهبي، والصفدي، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>