للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأولى، وكانت من البلد من السواد والفلاّحين، صحبة أردوا (١) التتار، فوصل إلى عقبة، فتركهم التتار في أسفل العقبة ومنعوهم من الصعود معهم عجزا عن تقويتهم وإطعامهم، فماتوا كلّهم.

ووصل كتاب قاضي البلاد إلى الموصل وفيه: أخبرنا جملة من بقي من أهل البلد، فكانوا نحو خمس ماية بيت من خمسة عشر ألف بيت، والمتعيّنون ممّن بقي نحو خمسين بيتا، والباقون ضعفاء وفقراء.

وأمّا أهل سنجار فكان أمرهم أخفّ، وكذلك أهل العراق وبعض جهاتها وبغداد فلم يصل أمرهم إلى بيع الأولاد وأكل الميتات، ولكن قلّ رزقهم بسبب قلّة الأمطار.

وممّا حكي أنّ عمل دجيل ثلاثماية وستون قرية لم يزرع منها سوى ستّ قرى، والباقي خرب بسبب أنّ ماء دجلة لم يصل إليها. وكذلك النخيل أصابه في سنة سبع عشرة وسبعماية برد وثلج أضعف بعضه وأفسد بعضه. وجاءت سنة ثمان (٢) عشرة بغير مطر فلم يحصل منه شيء.

وكان سبب الغلاء أولا بمدينة سنجار وديار بكر الجراد في سنة ستّ عشرة وسبعماية.

وهلّت سنة سبع عشرة وسبعماية بغير مطر، فاشتدّ الغلاء ضعف ما كان. فلمّا هلّت/٢٧٧ ب/سنة ثماني عشرة عظمت البليّة بسبب استمرار الحال من قلّة المطر وموت الفلاّحين وجلائهم من البلاد، وبسبب جور الدولة التتارية، وموت الملك خربندا، وتغيّر الدولة، وبسبب غارات وقعت عندهم من ناحية الشام ومن الأكراد.

وفي شهر رجب وشعبان ورمضان من سنة ثماني عشرة وردت الأخبار بأنّ الموت قد قلّ في جميع البلاد المذكورة، ولكنّ الغلاء مستمرّ في الموصل والعراق.

وأمّا سنجار وماردين فرخص القوت فيها (٣).

نقلت ذلك من خط عزّ الدين الحسن بن أحمد بن زفر (٤) الإربلي الصوفي الطبيب، واختصرت بعضه.


(١) أردوا-قائد.
(٢) الصواب: «سنة ثماني».
(٣) خبر الغلاء في: نهاية الأرب ٣٢/ ٢٩٠ - ٢٩٢ نقلا عن البرزالي، وذيل العبر ٩٦، وذيل تاريخ الإسلام ١٦٠،١٦١، والتذييل على دول الإسلام ٢/ ٢٢٤،٢٢٥، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٦٦، ومرآة الجنان ٤/ ٢٥٧، والبداية والنهاية ١٤/ ٨٦، وتذكرة النبيه ٢/ ٨٩، والسلوك ج ٢ ق ١/ ١٨٠، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٦٣٥، وتاريخ الأزمنة ٣٠٠، وشذرات الذهب ٦/ ٤٧، وزبدة الآثار الجليّة للعمري ٥١،٥٢.
(٤) في نهاية الأرب: «ذفر».

<<  <  ج: ص:  >  >>