للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بعد موت خربندا قد عزل من وظائفه ومناصبه ودارى بجملة كثيرة من الأموال، ثم إنّه نسب إلى أنّه سقى خربندا السّمّ، فطلب على البريد إلى المدينة السلطانية، وأحضر بين يدي جوبان، وقيل له: أنت قتلت الملك. فقال: كيف أفعل ذلك، وأنا كنت رجلا يهوديّا عطّارا طبيبا، ضعيفا بين الناس، فصرت في أيامه وأيام أخيه متصرّفا في أموال المملكة، ولا يتصرّف النوّاب والأمراء في شيء إلاّ بأمري، وحصّلت في أيامهما من الأموال والجواهر والأملاك ما لا يحصى، فأحضر الطبيب الجلال بن الحزان طبيب خربندا، فسألوه عن موت خربندا وقالوا له: أنت قتلته.

فقال: إنّ الملك أصابته هيضة قويّة، فأسهل بسببها نحو ثلاثماية مجلس، وتقيّأ قيئا كثيرا، فطلبني وعرض عليّ هذا الحال. فاجتمع الأطبّاء بحضور الرشيد على إعطائه أدوية قابضة مخشنة للمعدة والأمعاء، فقال الرشيد: عنده امتلاء، /٢٨٣ أ/وهو يحتاج إلى الاستفراغ بعد، فسقيناه برأيه دواء مسهّلا فانسهل به نحو سبعين مجلسا ومات. وصدّقه الرشيد على ذلك. فقال الجوبان: فأنت يا رشيد قتلته، فأمر بقتله، واستأصلوا جميع أمواله وأملاكه، وقتلوا قبله ولده إبراهيم من أبناء ستّة (١) عشر سنة.

وحمل رأس الرشيد إلى تبريز، ونودي عليه: هذا رأس اليهوديّ الذي بدّل كلام الله، لعنه الله، وقطّعت أعضاؤه، وحمل كلّ عضو إلى جهة، وأحرقت الجثّة، وقام في ذلك الوزير علي شاه التبريزي.

وكان قتل الرشيد وهو من أبناء الثمانين. وخلّف عدّة أولاد. وله مصنّفات وعمائر عظيمة، وكانت رتبته فوق رتبة الوزير.

حرّر ذلك عزّ الدين الإربلي، ولخّصته من خطّه.

وكان الرشيد عدوّا للإسلام تستّر بالإسلام، وكان ملحدا، ولما قدم علينا تاج الدين الأفضلي التبريزي حاجّا إلى دمشق في رمضان من هذه السنة زرناه، فذكر قتل الرشيد والنداء عليه، وقال: قتله أعظم من قتل ماية ألف من النصارى، فإنّه كان يكيد الإسلام.

قال عزّ الدين الإربلي: والأفضلي كان قد تكلّم في الرشيد مرة وقال: هو يهوديّ وقد بدّل كلام الله، فغضب الرشيد لينتقم لنفسه منه، فاختفى الأفضليّ منه مدّة، ثم وقعت منه شناعة فعفى (٢) عنه وطلبه إليه وطيّب قلبه وخلع عليه خلعة (. . .) (٣) فلم يقبلها منه، وبقي في نفس الأفضليّ عليه (يذمّه حيّا وميتا) (٤)،


(١) الصواب: «ست».
(٢) الصواب: «فعفا».
(٣) مطموسة في الأصل، والتقرير من نسخة ليدن ٢/ ١٨٥.
(٤) طمس في الأصل، وما بين القوسين من نسخة ليدن ٢/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>