للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيد بن الملك خربندا انحصر من جهة نائبه الأمير جوبان، لأنّ جوبان استولى على الأموال والجيوش، وصار الجميع في حكمه وتحت تصرّفه، ولم يبق لأبي سعيد إلاّ الاسم، وطرد أقواما كانوا مقرّبين إلى حضرة أبي سعيد، وقرّب أقواما كانوا مبغوضين إلى أبي سعيد، وقتل الأمير زنبوا (١)، وهذا الأمير كان متولّي تربية أبي سعيد، وهو عنده بمنزلة كبيرة، وأنّ أبا سعيد عجز عن مسكه وقتله، فأفشى سرّه إلى بعض أمراء دولته، وهو الأمير أيونجي (٢) خال أبيه خربندا وإلى الأمير قرمشي بن النيّاح (٣)، وإلى الأمير دقماق، فقالوا: إن رسّمت لنا أن نخرج عليه ونكبسه ونقتله، أو نصرّح له بالحرب فعلنا ما أردت من ذلك. قال: فجرت بينه وبين أمرائه في ذلك مكاتبات، ووقع الاتفاق فيها على أنهم يقتلونه على أيّ حال كان.

قال: ووقع هذا الاتفاق والكبسة التي كبسوا فيها جوبان في شهر جمادى الأولى من السنة المذكورة، قال: فاتفق الأمير ايرنجي، وهو يومئذ مقدّم عشرة آلاف فارس، والأمير قرمشي، وهو أيضا مقدّم عشرة آلاف فارس، والأمير دقماق مثلهم أيضا، والأمير أرس أخو دقماق، ومحمد هرزة، ويوسف بكا، وبهاء الدين يعقوب (المعروف بالمبخرة) (٤)، وكل هؤلاء أعيان مقدّمون في الدولة، وغير هؤلاء ممّن يطول شرح ذكرهم، على أن يعمل لجوبان دعوة يقبضون عليه فيها/٣٠٧ أ/إمّا بحرب أو بغير حرب. قال: فسيّر إليه قرمشي يسأله أن يعمل له دعوة في نواحي عمله قريب من بلاد كرجستان، وسيّر له تقادم وهدايا، فقبلها جوبان، وأجاب إلى حضور الدعوة، فعمل قرمشي الدعوة في نواحي كرجستان في موضع منه يسمّى سرماري، وهذا مكان تكون فيه بيوت قرمشي وجيشه، فلما تهيّأت الدعوة وكملت، وجوبان قد تهيّأ هو وأصحابه وخواصّه لحضورها إذ جاءه رجل أقطجي (٥) من جماعة قرمشي في خفية ونصحه وأخبره بالذي قد انطوى الجماعة عليه من قبضه وقتله وقال: أنا احتاط على روحي واهرب بحيث لا يعلم بي أحد، فإن كان هذا المناصح صادقا فقد عملت بالاحتياط، وإن كان كاذبا فاقدر على عذر أقوله يكون فيه رضاهم. قال: وقام في الحال وهرب وترك مخيّمه وخيله وأمواله وأصحابه وبيوته على حالها، ولم يخبر أحدا من أصحابه بخبره، وأخذ معه حين هرب ولدا له اسمه حسن، وأقبل قرمشي في عشرة آلاف فارس من التتار والكرج والفرس، فسأل عن جوبان، فقيل له: هو جالس في مخيّمه ينتظر حضور الدعوة، فقصده قرمشي وهجم على مخيّمه وكبسه وشهر السيف، وثار أصحاب جوبان مذعورين ما يدرون ما الخبر، غير أنهم قاتلوا قتالا


(١) في نهاية الأرب ٣٢/ ٢٩٦ «ربنوا».
(٢) في نهاية الأرب ٣٢/ ٢٩٦ «ايرنجي».
(٣) في نهاية الأرب ٣٢/ ٢٩٦ «التياج».
(٤) ما بين القوسين عن هامش المخطوط.
(٥) في نهاية الأرب: «أقطي».

<<  <  ج: ص:  >  >>