للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وردم داخل الجامع بغثاء السيل والطين والأخشاب، فاعتبروا يا أولي الألباب.

وبلغ الماء في داخل الجامع إلى القناديل المعلّقة، وذلك بتقدير من يعلم ما في البرّ والبحر وما تسقط من ورقة، ولم يقرب شيئا من غالب ما ذكر إلاّ أتى على ما فيه من الأمتعة والبضائع والأموال، حتى أتيح لكثير من أرباب ذلك أن يمدّ يده للسؤال، وكان مدّة استدامته من بكرة النهار إلى وقت العصر، {وَقِيلَ يا أَرْضُ اِبْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [هود:٤٤]. وكان عرض السيل قدر رمية بحجر، وارتفاعه على بسيط الأرض قدر قامتين أو أكثر، وقدّر ما ذهب فيه من الأمتعة والبضائع والأموال وقيمة الأملاك بهذا القضاء المبرم، فكان ذلك يزيد على خمسمائة ألف درهم، وذلك خارج عن الغلاّت والمواشي والبساتين والطواحين ظاهر مدينة عجلون. {إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ} [البقرة:١٥٦]. ومن جملة لطف الله تعالى مجيئه بالنهار، فحذر الناس منه، فلم يعلم في البلد غريب إلاّ سبعة أنفار، ولو كان -والعياذ بالله-ليلا لزادوا على الإحصاء في المقدار {إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ} [آل عمران:١٣]، وليس الخبر في جميع ما ذكرنا كالعيان، ونعوذ بالله من الزيادة والنقصان» (١).


(١) نهاية الأرب ٣٣/ ٢٦٨ - ٢٧١، وانظر عن السيل في: تاريخ حوادث الزمان ٢/ ٢٧٤ - ٢٧٦، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٩٠، والبداية والنهاية ١٤/ ١٤٠، وتذكرة النبيه ٢/ ١٨١ و ١٨٩،١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>