للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: لو بلاني الأمير لوجدني من صالح الأعوان، وبهم الفرسان، وممن أوفي علي أهل الزمان، قال الحجّاج: إنا قاذفوك في قبة فيها أسد، فإن قتلك كفانا مؤونتك، وإن قتله خليناك ووصلناك، قال: قد أعطيت - أصلحك الله - المنية، وأعظمت المنية، وقرَّبت المحنة. فأمر به فاستوثق بالحديد، وألقي في السجن، وكتب إلي عامله بكسكر يأمره أن يصيد له أسداً ضارباً، فلم يلبث العامل أن بعث له بأسد ضاريات، قد أبرَّت علي أهل تلك الناحية، ومنعت عامة مراعيهم ومسارح دوابهم، فجعل منها واحداً في تابوت يجر علي عجلة، فلما قدموا به أمر، فألقي في حير، وأجيع ثلاثاً، ثم بعث إلي جحدر، فأخرج وأعطي سيقاً ودلي عليه، فمثي إلي الأسد، وجعل يقول:

ليث وليث في مجالٍ ضنك ... كلاهما ذو أنفٍ ومحك

وصولهٍ في بطشةٍ وفتك ... إن يكشف الله قناع الشَّكِّ

وظفراً بجوجؤٍ وبرك ... فهو أحقُ منزلٍ بترك

الذِّئب يعوي والغراب يبكي

حتي إذا كان منه علي قدر رمح، تمطَّى الأسد وزأر، وحمل عليه فتلقّاه جحدر بالسّيف، فضرب هامته ففلقها، وسقط الأسد كأنه خيمة قوضتها الريح، ولم يلبث جحدر لشدة حملة الأسد عليه مع كونه مكبّلاً أن وقع علي ظهره متلخطاً بالدَّم، وعلت أصوات الجماعة بالتكبير، فقال له الحجَّاج، لما رأى منه ما هاله:

يا جحدر إن أحببت أن ألحقك ببلادك وأحسن جائزتك فعلت ذاك بك، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>