للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذكر المصراع الثاني وأنشده ابن الأنباري في كتاب "الأضداد" بتمامه كالفراء، وهو قوله: ولا حبال محبّ الخ. وأراد بالحبال هنا: العهود وعلائق المودَّة بين الطرفين، وهو مفعول مقدم لتصل والأصل: ولا تصل حبال محبّ واصل والمعنى: إنَّ جميع ما فيك حسن إلا قطع من يريد وصلك. وقد جاء المصراع الأول في أشعار كثيرة، لكن برواية "من" موضع "ما" منها في قصيدة لقيس بن ذريح بعد أن طلَّق لبنى بإكراه من والده وتزوَّجت بغيره، منها:

يا أحسن النَّاس من قرنٍ إلى قدمٍ ... وأحسن النَّاس ذا ثوبٍ وعريانا

نعم الضَّجيج بعيد النَّوم يجلبه ... إليك ممتلئًا نومًا ويقظانا

وجاء أيضًا في شعر العباس بن الأحنف، وهو:

يا أحسن النَّاس من قرنٍ إلى قدمٍ ... وأكمل النَّاس أردافًا ومنعطفا

ما ذقت بعدكم عيشًا سررت به ... ولا رأيت لكم عدلًا ولا خلفا

وهما بيتان لا غير، وجاء في أول مقطوعة لأبي نواس أيضًا، وهي:

يا أحسن النَّاس من قرنٍ إلى قدمٍ ... هل في اشتكاي إليك الحبَّ من باس

ماذا من أجلك بي أفديك يا سكني ... من التَّبرم بالدُّنيا وبالنَّاس

لو كان شيءٌ يسلِّي النَّفس من حزنٍ ... إذًا لسلَّت فؤادي لذَّة الكاس

وبعد هذا بيتان.

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والستون بعد المائتين]

وأنت الَّتي حبَّبت شغبًا إلى بدا ... إليَّ وأوطاني بلادٌ سواهما

حللت بهذا حلَّةً ثمَّ حلَّةً ... بهذا فطاب الواديان كلاهما

على أنَّ "إلى" الأولى تدلّ على الترتيب بمنزلة الفاء، وردَّ الدّماميني فقال من حق النحاة أن لا يذكروه مستندين إلى هذا الدليل، فإنَّا لا نسلم إرادة الترتيب في

<<  <  ج: ص:  >  >>