للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تابعهما، وهما إمامان في النحو ودقائق مسالكه، وأما الخليل فأخذ النحو من عيسى بن عمر الثقفي، واستخرج منه ما لم يسبق إليه، لدقة فطنته وحدة ذهنه وصحيّح قياسه، والكسائي طرأ إليهم وأخذ عنهم، وسمع من العرب، فكان بما حمل عنهم أوثق به مما سمع، وأما المازني فأخذ من أبي عمر الجرمي النحو، فبرع فيه على نظرائه، وكان الجرميّ أغوص وأجود استخراجًا، كان سيبويه عمرو بن عثمَّإنَّ أكثر من إلاَّخفش فطنة وعلمًا، فضرب به المثل، فقيل: أطال علينا في الخطاب كانه خليل وعمرو في البلاغة والنحو، ثمَّ فتح للأخفش بعده بالحنكة، والسنّ من قياسات النحو، والتفقه في مذاهبه، ما فاق به كلّ ناظر فيه وطالب له من أهل العراقين. انتهى باختصار.

وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والعشرون بعد الثلاثمَّائة:

(٣٢٨) إخوتي لَا تبعدوا أبدا ... وبلى وَالله قد بعدو

كلّ مَا حيّ وَإنَّ أمروا ... واردو الْحَوْض الَّذي وردوا

على إنَّ قولها: امروا، يحتمل إنَّ يكون من إلاَّتيإنَّ بضمير الجمع، مع إرادة الحكم على كلّ واحد فى قولها: كلّ ما حيّ، وما زائدة، وحيّ: ضدّ الميت، قال ابن جني في "إعراب الحماسة": حيّ ها هنا يحتمل أمرين أحدهما: إنَّ يكون المراد من القبيلة، كقولك: كلّ ما قوم، وكلّ ما قبيلة، وإنَّ أمروا وأجود من هذا معنى إنَّ يكون الحيّ الَّذي هو نقيض الميت، أي: كلّ ذي حيّاة من أمرهم ومن شانهم، فإذا كان كذلك احتمل إنَّ يكون قوله: وإنَّ أمروا، الضمير الَّذي فيه عائد على كلّ، وإنَّ شئت على حيّ؛ لأنَّ حيًّا [هنا] جماعة في المعنى، أي: كلّ الأحيّاء، وكذلك إذا قلت: كلّ ما حيّ، وأنت تجعله القبيلة. انتهى. وقال السبكي: الحيّ هنا القبيلة، ولو كان الحيّ من الحيّاة لقال: وإنَّ أمر وارد الحوض الَّذي وردوا، لما قررناه انه يطابق المضاف إليه. وجوّز ابن جني والشنتمريّ إنَّ يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>