وقيل له: لقد أحسن، فقال: نعم إلا أنه أخذه من كتابهم: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ)(المنافقون/٤) انتهى. ولم يصب الدماميي في قوله: هذا كلام من أخذ الخوف مجامع قلبه، يقول: لو أن الذات التي أراها عصفورة، خيل إلي من شدة الجزع أنها فرس مسومة، أي: معلمة تدعو هذين الشخصين للقتال. انتهى. فظن أن حسبتها بالتكلم، وأن "عبيد وأزنم" شخصان لا قبيلتان.
وقوله: ولم تلووا، أي: لم تعطفوا، ومرهق: اسم فاعل من أرهقه، أي: ضايقة وكلفه مالا يطيقه. وقوله: لو الحارث المقدام فيها، هذا دليل على حذف كان وحدها، فإن الحارث اسمها، والمقدام، أي: الجريء، صفته و"فيها" خيرها، والحارث هنا: الحارث بن شريك، وهو الحوفزان، وقوله: لأدى إلى الأحياء، جمع حي بمعنى القبيلة. وقوله: ألاما، يقال: ألام الرجل: إذا فعل ما يستحق به اللوم، وليما: أوقع عليها اللوم، وشئما: أي: نسبا إلى الشؤم. وصاحب هذا الشعر جاهلي، وهذا اليوم من أيام الجاهلية.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والثلاثون بعد الأربعمائه]
لَوْ أن حيًا مدركُ الفلاحِ ... أدركهُ مُلاعبُ الرماحِ
على أن خبر أن بعد لو قد جاء وصفًا اسم فاعل، كذا في "صحاح الجوهري" ورواه ابن الأنباري في "شرح المفضليات": "لو كان حي مدرك الفلاح"، ورواه الشريف الحسيني في "حماسة": "لو كان شيء مدرك الفلاح" وعليهما لا شاهد فيه. قال الجوهري في مادة "لعب": كان يقال لأبي براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب ملاعب الأسنة، فجعله لبيد ملاعب الرماح لحاجته إلى القافية، فقال: