للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر على ما قدمته من أن في البكاء شفاء وجدي، فهل من بكاء أشفى به غليلي، فهذا ظاهره استفهام، ومعناه التحضيض على البكاء، فالفاء عقدت آخر الكلام بأوله، لأنه كأنه قال: إن كنتما قد عرفتما ما أوثره من البكاء فابكيا معي، وأما على الثاني، فكأنه قال: إنما راحتي في البكاء، فما معنى اتكالي في شفاء غليلي على رسم دارس لا غناء عنده، فسبيلي أن أقبل على الدعاء والبكاء، وهذا أيضاً معنى يحتاج معه إلى الفاء، فكأنه قال: إذا كان شفائي إنما هو في فيض دمعي، فسبيلي أن لا أعول على رسم دارس، وينبغي أن أجد في البكاء. انتهى. فجعل الفاء في كلا الاحتمالين في جواب شرط مقدر.

وروى صدره سيبويه: "وإن شفاء عبرة" بتنكير شفاء على أنه يجوز الإخبار بالنكرة عن النكرة. والعبرة، بالفتح: الدمعة، ومهراقة، بفتح الهاء الزائدة، والإصل مراقة، أي: مصبوبة .. وقد بسطنا الكلام على هذا البيت في الشاهد الواحد والأربعين بعد السبعمائة من شواهد الرضي.

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والستون بعد الخمسمائة]

(٥٦٩) سائل فوارس يربوع بشدتنا ... أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم

على أن "هل فيه بمعنى قد، وقد أنكر المنصف ما نقله الزمخشري عن سيبويه من أن هل بمعنى قد، وكذبه في نقله بأن سيبويه إنما قال في باب عدة ما يكون عليه الكلم: "هل" هي للاستفهام. وهذا غير مستحسن من المصنف، فإن الزمخشري

<<  <  ج: ص:  >  >>