بعد أن, ما نصه: هذا رأي البغداديين, ولا يراه البصريون, وصحة محمل البيت عندهم على أنها المخففة من الثقيلة, أي: أنكما تقرآن [وأن وما بعدها: في موضع البدل من قوله حاجه, لأن حاجته قراءة السلام عليها] , وقد استبعدوا تشبيه أن بما, لأن ما مصدر معناه الحال, وأن وما بعدها مصدر إما ماض وإما مستقبل على حسب الفعل الواقع بعدها, فلذلك لا يصح إحداهما بمعنى الأخرى, انتهى. وقبل البيت بيتان وهما:
يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما ... وحيثما كنتما لاقيتما رشدا
أن تحملا حاجة لي خف محملها ... وتصنعا نعمة عندي بها ويدا
وقوله: أن تحملا: مفعول, فعله محذوف تقديره: أسألكما أن تحملا, وأن تقرأن: في موضع البدل من حاجة, وقد بسطنا الكلام هنا بأكثر مما ذكرنا في شرح الشاهد الثاني والأربعين بعد الستمائة من شواهد الرضي.
وهذه الأبيات مع شهرتها لم يعرف قائلها, والله تعالى أعلم.
[وأنشد بعده, وهو الانشاد الخامس والثلاثون]
(٣٥) ولا تدفنني في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
على أن أن مخففة, لوقوعها بعد الخوف بمعنى العلم, واسمها ضمير الشأن المحذوف, وجملة لا أذوقها في محل خبرها, وقوله: ليس من ذلك كما زعم بعضهم ..