كتاب "أبيات المعاني": وفيه وجه آخر وهو أن يكون ضمير التثنية، ويكون قد أجرى الواحد مجرى الاثنين، فإنهم كثيراً ما كانوا يفعلون ذلك تعظيماً للمخاطب، ولا يكون في الأكثر ممن ينفرد بنفسه، فإذا انفرد يوماً، حمل أمره على الغالب من حاله، قال تعالى:(أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ)[ق/ ٢٤] فأمر مالكاً بأمر الاثنين، وقد حذف النون من قوله:
لا تهين الفقير عليك ... .. البيت
للضرورة، وحذفها منه أحسن من حذفه في قوله:"اضرب عنك الهموم" لالتقاء الساكنين.
والبيت مصنوع لم يعلم قائله، والله أعلم، وعلم مما نقلنا أن الرواية: ضربك بالسوط لا بالسيف.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والسبعون بعد الثمانمائة]
(٨٧٩) هما خطتا إما إسار ومنة ... وإما دم والقتل بالحر أجدر
قال ابن جني في "إعراب الحماسة": روي برفع إسار وجره، أما الرفع، فطريف المذهب، وظاهر أمره أنه على لغة من حذف نون التثنية لغير إضافة، وقد حكى ذلك، ومما يعزى إلى كلام البهائم قول الحجلة للقطاة: بيضك ثنتا، وبيضتي مائتا، أي: ثنتان ومائتان، وقول الآخر:
لنا أعنز لبن ثلاث فبعضها ... لأولادها ثنتا وما بيننا عنز