للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحروف الجزم لا تضمر، فبعد أن حكى لنا أبو الحسن هذه الحكاية وجدت هذا البيت في كتاب سيبويه يقول فيه، وحدثني أبو الخطاب أنه سمع هذا البيت ممن قاله. قال أبو إسحاق الزجاج احتجاجًا لسيبويه: في هذا البيت حذف اللام، وإنما سماه إضمارًا لأنه بمنزلته، وأما قوله: "أو يبك من بكى" فهذا البيت لفصيح وليس هذا مثل الأول وإن كان سيبويه قد جمع بينهما، وذلك أنَّ المعطوف يعطف على اللفظ وعلى المعنى، فعطف الشاعر على المعنى؛ لأنَّ الأصل في الأمر أن يكون باللام، فحذفت تخفيفًا، والأصل: فلتخمشي، ويبك، فيكون الثاني معطوفًا على معنى الأوَّل. انتهى كلامه.

وقال ابن الشجري في "أماليه" وقال بعضهم: هو خبر يراد به الدعاء، وأصله: تفدي، فاحتاج إلى حذف، وإن كان المراد به الخبر، كما حذفت في التنزيل من (نبغي) في قوله تعالى: {فذلك ما كنَّا نبغ}] الكهف/٦٤ [، والتَّبال: الإهلاك، تبلهم الدهر: أفناهم. انتهى.

ومحمد: منادى بتقدير "يا" مبني على الضم، والتَّبال، يفتح المثناة الفوقية بعدها موحدة: سوء العاقبة، قاله الأعلم. والبيت من الأبيات الخمسين التي لم يعرف قائلها، والله أعلم.

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السبعون بعد الثلاثمائة]

(٣٧٠) دوامي الأيد يخبطن السَّريحا

على أنَّ أصله: دوامي الأيدي، فحذفت الياء لضرورة الشعر، وأكتفى بالكسرة الدالة عليها. وأورده سيبويه في أول الكتاب في باب ما يحتمل الشعر، قال: اعلم أنه يجوز في الشعر ما لا يجوز في الكلام من صرف ما لا ينصرف، يشبهونه بما ينصرف، وحذف ما لا يحذف، يشبهونه بما قد حذف واستعمل محذوفًا، كما قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>