للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: كلما ظهر شاعر، أو سيد، وثب عليه خالد! وكان كتب الفرزدق أبياتًا إلى سعيد بن الوليد الأبرشي يكلم له هشامًا وهي:

إلى الأبرش الكلبي أسديت حاجتي ... تواكلها حيًا تميم ووائلِ

على حين أن زلت بي النعل زلةً ... وأخلف ظني كل حاف وناعلِ

فدونكما يا ابن الوليد فقم بها ... قيام امرئ في قومه غير خاملِ

فكلم هشام فكتب بتخليته. انتهى كلام "الأغاني" باختصار.

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والثمانون بعد الأربعمائة]

وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه ... وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ

على أنه مثل بيت الفرزدق فيقدر: ولكنّك من يبصر جفونك يَعشقِ، ولا يخفى أنَّ التقدير المتفق عليه إنما هو تقدير ضمير الشأن، أي: لكنه من يبصر إلى آخره، وهو أفخم أيضًا. وما قبله، وهو مطلع القصيدة:

لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي ... وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي

قال الواحدي: عيناك دائي، فما يلقاه قلبي من برح الهوى وما لقيه، فهل لأجل عينيك، والحبُّ هو الذي يذيبُ جسم، ويفني لحمي، فما لم يبق مني مما ذهب، فهو الذي أذهبه، وما بقى هو له أيضًا يفنيه ويذهبه، وذكر أنه عِزْ هاةٌ لا يحب الغزل ولا يميل إلى العشق، ولكن جفون حبيبته فتانة لرائها يعشق من يبصرها كيف ما كان. انتهى. والكاف في الموضعين مكسورة لأنه خطاب لمؤنث، وهذه القصيدة مدح بها سيف الدولة الحمداني، وترجمة المتنبي تقدمت في الإنشاد التاسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>