[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثلاثون بعد الخمسمائة]
آل الزبير سنام المجد قد علمت ... ذاك القبائل والأثرون من عددا
لما تقدم قبله من أن "مّنْ" زائدة عند الكسائي، قال الفالي في "شرح اللباب": يجاب: إن "عددًا" مصدر بمعنى المفعول، فـ "من" اسم موصوف بمفرد، ويجوز أن تكون موصوفة بجملةٍ محذوفة، وذلك أن عددًا مفعول مطلق، وعاملة محذوف تقديره: يعدّ عددًا بالبناء للمفعول، والجملةُ صفة من، أي: إنسانًا يعد عددًا. انتهى. واقتصر ابنُ الشجري على التقدير الثاني، وفي تخريجهم نظر لا تخفى سماجته وركاكته مع أنه ليس فيه كبير مدح، فإنَّ مدح الشاعر: أن آل الزبير سنامُ المجد، والأكثرون عددًا، وأن أتباعهم أكثر من أتباع غيرهم، لا أنهم يعدون عدًا، فإن ما يعد قليل، والقلّة لا فخر فيها ولا مدح، وجَعْلُ المصنف "من" بدلًا من "الأثرون" على تقدير الفعل لا وجه له، إذ لا فرق في المعنى بين قولنا معدودين، وبين قوم يعدُّون، وتخريج الكوفيين خال عن التعسف مع صحة معناه، ومتانة مغزاه، ويؤيده رواية البصريين: والأثرون ما عددًا.
وقوله: آل الزبير: مبتدأ، وسنام المجد خبره، والأثرون معطوف على الخبر، وجملة "قد علمت ذاك القبائل" اعتراضية لتقوية المعنى وتشديده، و"ذاك" مفعول علمت، وهو إشارة إلى كونهم سنام المجد، والقبائل: فاعل علمت، بمعنى عرفت، وسنام المجد: أعلاه، استعير من سنام الإبل، والأثرون: جمع أثرى، وهو أفعل تفضيل من تريثُ بك، بكسر الراء، أي: كثرت بك، قاله صاحبُ "الصحاح" وهذا البيت، مع كثرة وجوده في كتب النحو، لا يعرف قائله، ولا تتمته، والله تعالى أعلم.