ونسي الأول فأبقاه بلا خبر. ويؤيد كلام أبي حيان قولهم: إنَّ الكاف إذا كفَّت بـ "ما" رفع ما بعدها على الابتداء، كما في البيت الثالث، وقد بسطنا الكلام على هذه الأبيات في الشاهد السّابع والثلاثين بعد الثمانمائة من شواهد الرضي، وتقدَّمت ترجمة زياد في الإنشاد السّادس والتّسعين.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والتسعون بعد المائتين]
(٢٩٣) أخٌ ماجدٌ لم يخزني يوم مشهدٍ ... كما سيف عمر ولم تخنه مضاربه
لما تقدَّم قبله. وهو من قصيدة اختار منها أحد أبيات ثلاثة. وأوردها أبو تمام في باب المرائي من "الحماسة" لنهشل بن حرّي الدّارميّ، رثى بها أخاه مالك بن حرّيّ، ويكنى أبا ماجد، قتل بصفّين وهو مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وكان شجاعًا، وقبله:
أغرُّ كمصباح الدُّجنَّة يتَّقي ... قدى الزَّاد حتى يستفاد أطايبه
وهوَّن وجدي عن خليلي أنَّني ... إذا شئت لاقيت امرًا مات صاحبه
أخ ماجدٌ .. ... البيت
وأوردها الأعلم أيضًا في "حماسته" وزاد بيتًا بعد البيتين الأولين وهو:
ومن ير بالأقوام يومًا يروا به ... معرَّة يومٍ لا توارى كواكبه
قوله: أغرّ، هو الذي في جبهته غرّه، أي: بياض، أي: يستضاء به ويستشفى برأيه، وهو أبيض الطلعة، فكأنه في تلألؤ وجهه وتهلّله مصباح الدّجُنَّة،