للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والعشرون بعد التسعمائة]

(٩٢١) كيف تراني قالبا مجني ... قد قتل الله زيادا عني

قال ابن جني في باب استعمال الحروف بعضها مكان بعض: وكذلك قوله عز اسمه: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى) [النازعات/١٨]، وأنت إنما تقول: هل لك في كذا، لكنه لما كان على هذا دعاء منه صلى الله عليه وسلم، صار تقديره: أدعوك إلى أن تزكى، وعليه قول الفرزدق:

كيف تراني قالبا مجني ... أضرب أمري ظهره لبطن

قد قتل الله زيادا عني

لما كان معنى: قد قتله: قد صرفه، عداه بعن، ووجدت في اللغة من هذا الفن شيئا كثيرا لا يكاد يحاط به، ولعله لو جمع اكثر جاء كتابا ضخما، وقد عرفت طريقة، فإذا مر بك شيء فتقبله، وائنس به، فإنه فصل من العربية لطيف يدعو إلى الأنس بها، والفقاهة فيها.

وكذا قال عند قوله: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ) [البقرة/٩] من "المحتسب"، وكذا في "إعراب الحماسة". قوله: كيف تراني هذا كلام تعجبي يشعر بالنشاط والشماتة بالعدو، وقلب المجن: عبارة عن رميه من يده لعدم الاحتياج إليه، فإن الفرزدق هرب من البصرة إلى المدينة، واختفى بها خوفا من زياد ابن أبيه لغضبه كان غضبها زياد عليه، فلما جاء إلى المدينة خبر موته، ظهر بعد الاختفاء، وأنشد هذه الأبيات الثلاثة إظهارا للشماتة، وفرحا بسلامته منه، فكأن الفرزدق لشدة حذره

<<  <  ج: ص:  >  >>